رؤية في تناقضات الواقع الفكري


على الرغم من أننا كائنات ليلية لا تنتفض إلا مع البرد والريح والفجيعة إلا أننا نؤمن بإيقاع اللحظة في تغيير كُل الأمنيات .
فلا نستطيع أحيانا أن نُمرر جهلنا وموتنا المكلوم على سُلم الوقت كي لا نُصلب في مواجهة ذاتنا وأحيانا أخرى نُمرر ضوئنا على عُتمة وبرزخ الوهم كي نعيش بوضعية أفضل من الاتكاء ليل نهار على الموت .
الصور كُلها تُعاني من حالة اهتزاز في الرؤيا , على الرغم من الأفكار التي ترفع من معنوية حُضوضنا وتمنحنا بُورصات أفضل وأمل أقوى استنادا على نظريات المِحراث أو نظريات الدين والمدرسة لنبقى قطعا دُون كُل الأمنيات .
لا نتيجة في مُحاربة الليل بسيف من ورق , لا بُوستات ودوزنات من المنشورات يُمكن أن تقلب ترهة الوقت ولا يُمكنك أن ترفع قميصك يوما ما لإيقاف حرب تستنزفك وبكُل قوة .
سُطورك باتت لا تعرف من الفراغ غير مآسيك التي تكتُبها من وضعية المُنحنى المكفهر في حضرة دولة الورق كدلائل قطيعة من الخوف والانتقاص .
نكتب لنبوح ما في ذواتنا ورُبما لنزيد من تعميق الفُرقة بين ما نحلم وما نحب وبين إسقاطات الواقع كي نتنفس الصعداء في حضرة الحرف الذي لا يعرف المُخاتلة .
نُهزم أحيانا لنستمع إلى موسيقى شُوبان كي نلعن واقعنا الذي لم نرى أنفسنا فيه كي ننتصر ولو على الورق أيضا .
رُدود الفعل هي من تخلق حالة من التناقضات والتباينات حتى في شكلية القُراء والهاوين وحتى مُرتصفي الأزقة وبياعين الكلام .
فوبيا العشق وفوبيا السُلطة وفوبيا المُحترف الذي يُجيد التعامل مع كُل الفصائل (رخوية ولا رخوية) وهو يدرك مقدار الغباء الذي يتمتع فيه ومدى تقبله من الآخرين رُبما احتراما لهذا الغباء ورُبما لأنهم وجدوا منه مشروع للتمرير في الفن والسياسة والاقتصاد وحتى في الضحك والبُكاء على الآخرين .
حال السُلطة كحال المُحترف في بُلداننا فمن منحناه يوما ما رُتبه هاوي (مُستعبط ) يُجيد التقفز من سُلم إلى سُلم آخر ويكتب من سطر التاريخ بعض إنجازاته التي لا تتعدى رُبما جامع صغير أو شارع يتخلع عند أول اختبار مع السُيول والأمطار .
أن تخلق مُجتمع فكري من عقلية حاكم يُدير البلد بعقلية أكثر تنويرية يعنى هذا أنك ناجح في عبقرية السُلطة وفكرية السُلطة  وأن مسارات الحُكم للفرد ناجعة وتؤدي دورها الحضاري في صياغة الإنسان وبناء قُدراته التي تتعدى سُلطة الغيبيات وتتحول إلى عامل نقدي قادر على الطرح والمُناورة والاستيعاب والتناقض بحثا عن طريق الخلاص الفكري والثقافي والاجتماعي .
ملكات الإنسان الفكرية كحاجته للخُبز والماء والقوة بل أن هذه الملَكة هي التي تُهذب السُلطة وتحولها من مصدر انتزاع وحُكم وقوة إلى مصدر لنشر الوعي وإحداث تقارب بين كُل طبقات المُجتمع المتناقضة وصياغة هذا التناقض فكريا كعامل إيجابي في التنوع والاختلاف والحُلم بتحقق كُل القيم الايجابية والإنسانية التي تُوصلنا إلى طريق النجاة .
الخير لا يتحقق دائما إلا بمُعطيات سياسية نابعة من إيماننا بإمكانية إحداث فُرص في التساوي وهذا الخير هو نتيجة مُحددات تصنعها سُلطة ونظام سياسي قادر على استيعاب مصلحة الفرد ودمجها بمصلحة الجماعة ودراسة عامل التناقض بين هذا الدمج وبين إمكانية نجاحه من عدمه .


جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!