عندما تغادرنا الحياة كـــ مذكرات واصدقاء

لم اخذ موعدا لألتقى بأحدهم هنا وكنت طوال هذه الفترة اتجاوز اي لقاءات مرتبة كي اعيش بعيدا عن ظل ذاكرة متعبة او لفتح جراحات وملفات زمن صعب نحاول ان نجتاز احداثة ولو بصمتنا كي نقوى على الارتكاز ليس إلا...
شائت الاقدار ان التقي بأحدهم وهو المفكر عبدالباري طاهر باحد البنوك في شارع حدة...
بقدر تجنبي لمثل لقاءات يحضر فيها الاصدقاء والغربة والألم والحزن والحيرة صافحتة بكل حرارة وسرور تكلمنا على عجالة وكأننا نهرب من كل الاسئلة الصادمة التي وزعت انتمائتنا على اكثر من منحى لعين...
تكلمنا عن غياب الأولى والشارع وعن عايش وحسان واروى وعثمان واصدقاء كثر خذلتهم الحرب وعن بعض كتاباتة الفكرية التي انتمينا لها في زمن جميل ومنسى شاء لة القدر ان يحضر بقوة ...
مكسور الخاطر وحزين ومصدوم لكل هذا الخراب الذي بتنا اليوم نعتلية كوطن مخروق غير قابل الا لمزيد من التفريخ والتباعد...
في لحظات صادقة تعيشها تشعر ان الوطن ليس مجرد مترس وكابوس حوثي او سعودي بقدر ان تلمس جراحات بسطاء قدموا الكثير من العطاء على الساحة الوطنية دون مقابل وتراهم اليوم على طابور وشباك الانتظار لاستلام ما بقي من فتات راتب يتم صرف اجزاء منة كل بضعة اشهر...
لكي الله يا بلادي قلتها بكل حرقة بعد تمتمات بالانصراف وشعرت اننا نستحق حياة افضل من هذه خارج ازمة هويتنا المطحونة...
نعم قناعتنا ليست ممسحة او رداء سياسي مكشوف كما يظن الكثير للأسف وليست اصواتنا التي تأتي من عمق جرح تحتاج ﻻكثر من تأويل وقراءة خادعة ....
صحيح ان هذا الركام ثقيل اليوم فتحاول ان تتجاهل الغوص في تفاصيلة لكن ما بقي غصة يصعب علينا نسيانها...
لكي الله يا بلادي فما بقي للنسيان من فوضى سوف يرتبها ليلنا الموحش وهجرتنا الطويلة...
فقد بتنا اليوم مجرد حقائب ملغومة لا ذكرى لها
ماضيها معطفا نرتدية كذكرى مسروقة لكي لا يستفيق الجرح ...
فتغادرنا الحياة كمفكرات واصدقاء وكتابات ومواعيد وتأبى ان تغادرنا كجنائز وجرحى واصطفافات صارخة نتناقلها عبر الفضائيات كوجبات يومية علينا ان نحفظها جيدا كي ننسى كل مايمكن ان يكون جميلا خارج تابوت الموت اليومي المعلن...
لم استطع النوم ففتحت مذكرة تلفوني لأكتب عن كل هذا القرف المحيط بنا والمحاصر لكل شكليات ما يمكن ان نشعر بة خارج انتماءات فشلنا السياسي ومرثياتنا الذي انتجتة احداث جسام يصعب نسيانها بين ليلة وضحاها...

جلال غانم
صنعاء

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين