وهم الصفحة البيضاء وقت الولادة
ماذا يخفي هذا الواقع القمعي أكثر من قُدرته على مدنا
بــــ إرادة منصولة إلا من قليل من ما تحمله لعنات الحياة اليومية التي باتت ضريبة
ندفعها كي نقوى على الهذيان اليومي لا أكثر من ذلك .....!
تزايُد بُورصة التأملات والتحليلات التي تنبت من مخزون
وإرث تاريخي ومُجتمعي مُخيف وقذر وغير قادر إلا على شق ذاكرتنا أكثر من أي وقت أخر
......
أنا لا أعلم سر هذا التحامل القبيح والتخافي من حالة
الانفجار التي نعيشها ونتحاشاها كي نقوى على مد التباساتنا بــ أكثر من تعقيد ,
وأكثر من حيرة مُلازمة .....
إرادتنا ظل , وصوتنا بح في أرض ضربتها الجفاف
..........
لسنا أولياء كي نقوى على إقناع الآخرين أن ما يحدث
اليوم جُزء من ظُلمة عُصور لا تدع الإنسان على قول الأشياء الجميلة , لا تدعه إلا
لـــ مزيد من التمتمات والتبريرات التي تُثنية من خطاء تاريخي والتباس محسوب على
هذه الأمة بـــ رغبات وعقائد لا تفتي إلا أن تتفجر في أكثر من واقعة مُفروضة بــ
قيد ميسور .
كُل ما نسمعه هُو فُصول مُتجردة من الانتماء تمضي من
أمامنا بـــ قوة العافية وإرتجالات المرض والظُروف التي تُوزعنا دائما على أكثر من
منحى وأكثر من خاصرة ....
وُلدنا لنكون مُساجلين أكثر , ولم نُولد بـــ أي فطرة
من الصلاح المعقول .....
وأنا هُنا أردد ما قاله الكاتب الأمريكي الرائع نعوم
تشومسكي (أستبعد أن يكون العقل صفحة بيضاء وقت الولادة ) .....
إني أستبعد على أنفسنا إلا من القليل من الزُهد ومن
حالة الضياع التي تفرضها علينا أنظمة سياسية واجتماعية قهرية وقاهرة , أستبعد
مفهوم الكمال في التلقين , وفي الإرادة التي تُقوض قُدرتنا على التحرك أكثر , وعلى
الكتابة دون حالة اتكاء مشروطة بـــ مصلحة كانت أو بـــ ردة فعل من ما يحدث اليوم
.....
أشعر دائما في الحاجة إلى نيل أكثر من هوية إنسانية ,
أشعر بالحاجة إلى الانتماء خارج الجُغرافيا المُصطنعة والملعونة ....
أكتب عامل كامل , وأصمت دهر كي أستوعب مرة أخرى أن قديس
أو نبي واحد لم يعُد يؤمن الناس بـــ زُهده إلا من باب التحامل على طُرق الحياة
نفسها ...
بت أؤمن أن ما قاله كازنتزاكي عن كُل هؤلاء لا يُعد إلا
من باب العيش بــــ ميزان المُزايدة المُصطنعة ....
وأثق دائما أن التضرع الذي نصنعه ونتحامل عليه لا يُعد
أيضا سوى هُروب أو بحث عن أي طريق للنجاة من الأخطاء التي نصنعها ونمضي رغم كُل
ذلك مؤمنين بـــ قُدرة أخطائنا على التكرار مرة أخرى كي نعود لنُمارس هواية خوف
وذاكرة عزمها وتأثيرها يتلخص في الهُروب من أي عقاب مُحتمل ....
أمور كثيرة منها ما يتعلق بالخير والشر ومنها ما يتعلق
بـــ أبواب الخير والحياة الجميلة , أمور كثيرة تدفعنا إلى الاسترسال أكثر والنواح
دون أن نُقدم شيء جيد أمام واقعنا الذي يتبدل وفق آنية اللحظة التاريخية ....
وهم مُصطنع يتقن البراءة البشرية من الشرور , ويُحصنها
كم اقتراف الأخطاء القادمة .....
هذا هو الهراء الذي بتنا نعيشه كُل يوم , ونحن نعرف
جيدا مدى إشفاقنا على أنفسنا في لحظة حاجتنا لـــ زيارة ولو عابرة في دُروب من
الفرح هُروبا من دهر كامل من النسيان .
لا زلت أعيش كل هذا الكم الهائل التبريرات اللعينة
.....
وإن الإصابة التي أحملها من شطط هذا الفخ في كُل لحظة
أحاول اجتيازها كي أؤمن لي قُدرة على الرُجوع دون ولادات واحتفاءت جديدة وخادعة
......
جلال غانم
jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق