لنعلنها إذاً ....

ازدياد حدة الصراع القُطبي المريض من أجل كسب مزيدا من عدا شباب هذه الشُعوب المتنورة والمُثقفة التي تُنادي بــــ أنظمة تتعدى صلاحيتها فتوى دينية أو تحالف عِرقي قائم على أساس تمجيد السُلالة الناجية التي تُعتبر في نظرهم هي الأحق بالاستحواذ على السُلطة والحكم وتكميم أفواه الناس خدمة لزعامات سيئة السُمعة والصيت لشيء مُحزن للغاية .
صحيح أن الربيع العربي تفاعلت معه ليس الشُعوب العربية فحسب بل أيضا وسائل الإعلام الغربية ونجحت في حرف مساره الحقيقي في المطالبة بـــ عدالة وحرية وديمقراطية إلى صراع من أجل السيطرة على مقدرات هذه الشعوب تحت مُسميات دينية جاذبة للمتنصرين من أجل الاستحواذ على قرار وخطابات هذه الشُعوب .
في هذا المقام قرأت مُقابلة للكاتب اليمني الرائع عصام القيسي يتحدث عن ما بعد سُقوط أنظمة الربيع العربي وبالتحديد في اليمن وما يُمكن من الاستفادة من أخطاء الماضي وتعريب مُصطلحات مُخوفة عند البعض كـــ العولمة والأخذ الشيء الإيجابي منها حيث قال في المُقابلة أنه تلقى مُعارضة شديدة في منصة ساحة التغيير بصنعاء .
إن الشُرخ الذي نُعاني منه كـــ مُجتمع متعدد الأعراق يجب مُعالجته وفق مُصطلح تعايشي يرضي الناس على أساس المُحافظة على الهوية والدين كـــ تكامل فعلي يقضي على الأنسنة لبعض الناس دون غيرهم .....
إن كل ما يجري اليوم من قتل وزهق دم الإنسان من أجل عودة الإنسان إلى ماضية بكل تناقضاته ينم عن استخفاف هؤلاء الحُكام والقابضون على القرار الديني والسياسي وهم يعرفون جيدا أن مسألة الفصل في خطاب مريض سوف يقود إلى مزيد من التعليل .....
لا أريد أن أصدم القارئ برغبتي في نظام علماني متكامل يقضي على كل الفوارق الطبقية والدينية بقدر ما يعنيني إيجاد حُلول جيده نستطيع من خلالها أن نتغلب على هذا الخطاب الحامض الذي يدعو لقتل البشر ناسين ومتناسين أن الرسول (صلى) قال : لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلمفــ كيف ما يحدث اليوم من عملية تعبئة خاطئة تقود إلى مزيد من تعتيم شكلية الحاضر والمستقبل برؤى سيئة يقودها بشر مُستفزين في زمن ما بعد الألفية الثانية سموهم عُلماء ......
صحيح أن التاريخ يكتبه المنتصر بل أضيف لذلك أن هذا التاريخ نحن من نكتبه البشر وهذا إن دل فإنه يدل على جُملة التناقضات في كتابته امتدادا لـــ نفس الثقل السياسي في كل زمان خدمة لمصلحة الحاكم كي يعرف كيف يُروض الجماعة التي يحكمها ....
اليوم المُجتمعات العربية والإسلامية هي بحاجة إلى فصل الخطاب الديني عن الخطاب السياسي وفصل نظام تنفيذ القانون عن نظام الأفراد الذين يحتلون الثقل الديني في كل بلد .....
يجب اليوم الاستفادة من المذابح التي أحدثتها نقطة التحول في الديانة المسيحية واستبداد الكنيسة وتحكمها في تسيير شؤون دويلات هذه البُلدان .
أن نعيش عصرنا الحاضر هذا بعقلية العصور الوسطي التي عاشتها أوروبا والتي سُميت في عصر الظلام لشيء مؤسف ومؤلم حقا ....
لنتعلم من تجارب الآخرين دون أن نرى في الدم مصدر الخلاص أو أن هذا الدم الذي أزهق بشعار مُعين أنه سوف ينتصر على السيف .....
لا لن يتنصر ما دُمنا غير قادرين على الخروج بصيغ ورؤى مُحددة في تسيير أمور هذه الشُعوب بتشكيل مجلس أعلى إسلامي من كل الطوائف وتخفيف خطاب ومنهج الحقد والكراهية التي تُنادي به بعض الجماعات تمهيدا لـــ فصل القرار والخطاب السياسي عن الخطاب الديني وعزلة عزل تام وكامل كي يتسنى لهذه الشُعوب العيش دون رحمة هؤلاء الكهنة والأوغاد .
لــ نعلنها إذاً كـــ شعوب تُفكر وتنتج وتقود نفسها بقرار سياسي حكيم تمهيدا للقضاء على حالة الاحتراب والعُزلة التي نعيشها خوفا من سحق الأخر للمبدأ الذي نحمله أو الديانة التي نعتنقها أو المذهب الذي نحمله .

جلال غانم


Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين