التساوي في الحاضر يُعد انتصارا على أخطاء الماضي

 الإشكاليات التاريخية التي تنتزع صفاتنا الحقيقية كــ بشر هي من تضع وتؤسس لإشكاليات الصراع قبل أن تكون جُزء من حُلول الحاضر  .
وهذا ما نلمسه في طبيعة هذه الشُعوب التي تثبت كُل يوم انتمائها لإشكالية الماضي أكثر من انتمائها لواقع وحاضر اليوم .
وبالرغم من تقديم بعض النُخب لإشكاليات اليوم ومُعالجتها وفق مُتطلبات الشعوب كـــ القضاء على الفقر ومُحاربة الفساد وزيادة نسبة النمو الاقتصادي كـــ مدخل حقيقي للقضاء على كُل أو لِنقل أغلب تعقيدات الحاضر .
لكن التكوين الأيدلوجي لبعض التكتلات والجماعات الدينية مع وجود مساحة أكبر من الفراغ السياسي بحيث أن هذه الجماعات تقترب من الماضي بأكبر قوة ممكنة مما يعيق تلمُس هذه التصورات وتحولها إلى ما يشبه سراب في حُفنة مثقوبة من الهراءات التي تمتد لكل مفصل من مفاصل الحياة .
إن الثورات التي تُكلل بالاحتفالات اليومية تكريسا لمفهوم النصر نكاية بهذا الآخر كــ حالة استفزازية لا تُعد سوى التحول من حالة الغضب المُمكن والمعقول إلى التحول إلى حالة الاستفزاز المُفرغ من أي أشكال جديدة من إيمان الناس بــ فُقدان مصالحهم من حزب مضى أو نظام مضى إلى حالة اتكاء جديدة تخيلوها ذات يوم أنها سوف تقضي وتمسح كُل مُسببات الأرق واليأس .
التخبط  و انعدام رؤيا لاحتضان الناس تحت منظومات جديدة بكل تأكيد في مُجتمعات فطرية على قراءة الواقع بشكل ضيق سوف تقود إلى عودة التوارث في الحُكم والبحث عن أساليب جديدة من منظور سلبي لأحزاب وجماعات تعتقد أن مسألة عودة الخلافة الإسلامية للواجهة هي الحل لكل هذا الصراع .
إن إشكاليات اليوم تتجذر في عدم قُدرة الناس على فرز خطاب مُهذب للثورات وارتهانها للآخرين لتقديم أنفسهم على أنهم بديل قابل للتعايش معه أو لبناء شراكة صلبة ولا يكتشفوا أن بــ مُمارستهم السيئة هذه مازالوا غير قادرين على منح الناس أمل يتجذر على أرض الواقع ليخلق وضع اقتصادي أفضل وفُرص عمل واستقرار ينبع من خطاب سياسي وعلاقات أقوى رهانها الحقيقي هو حماية البلد ومُمتلكاته وتقديم تصورات جيده تنقذ الناس من حالة الاحتراب هذه .
دائما ما يدفعنا إلى كتابة هذا الواقع السيئ هو وقائع الحاضر المليء بالتناقضات على المستوى الفردي وعلى المستوى الرفيع للقيادات والتنظيمات السياسية التي دائما ما ترتهن في قراراتها السياسية إلى الإيقاع الخلفي لانتمائهم الأيدلوجي دون مراعاة مشاعر الناس الذين ينتظرون تغير على مستوى البلادة السياسية التي تتكرر في كُل لحظة ضاربة بــ حُلم الناس وآمالهم في ذرائع واهنة تشي بأن زمام القرار السياسي في البلد غير مُرتهن بحالة وإيقاع واحد مستقيم بالرغم من أنهم لم يقدموا المُنتظر منهم .
التحذير المُخيف الذي نقع فيه دائما هو تحوٌل الخطاب السياسي إلى خطاب تحيزي ضيق أحمق يقود دائما إلى التحريض بين الناس والجماعات التي لا تتشابه إلا في المشاريع المقرفة التي تحملها مُتخطين بذلك سُنة الحياة نفسها وسُنن الدين التي أوجدت من بيننا دُعاة فُرقة يرون في كل ما يدور في فلكهم على أنه سم سوف يضر بالجماعة نفسها لذا وجب مُحاربتهم وإقصائهم انتصارا لغباء هذه الجماعات .....
مع تقدمنا في أي عملية سياسية جوفاء نكتشف كُل يوم أننا نحتاج إلى مشاريع وطنية تتعدى مشاريع الأحزاب والجماعات الضيقة كي نتساوى في الحاضر ولـــ نكتشف أن الماضي كان مُجرد عبء حملناه في ذاكرتنا بالخطاء ولم نعي جيدا أن تطويره بأساليب حديثة بكل تأكيد سوف يقضي على الإنسان بكل ميوله وانتمائه المُتعدد .

جلال غانم


Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ذاكرة لــ الحُزن والوجع لم يشأء لها القدر أن تنتهي ...!!!

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

ماذا بعد ..........؟