أن تقول شيئاً ذا أهمية .....!


الأصدقاء سيتضاعفون , رئاتهم سوف تتفتح , والآلام سوف تنحسر , الجِراح سوف تندمل , والآمال سوف تُشعشع وتنبثق مع ناي لتُرسم معها كُل الأفراح في تاريخ ميلادنا القادم .
هذه إحدى المقولات التي كُنت أكتبها وأرددها في لحظة عاطفية شاردة لأتشبث بقشة أمل كي لا أقع صريع اليأس , كي لا تتداخل في ذاتي تاريخ تلك الفتاه التي فتحت ذراعيها للعابرين أو أتخيل ذلك في مساء شاحب ومُتشابك الأحداث .
مازالت الفتاة نائمة , مازال تاريخها القمعي عالم من الصُدفة لأفضها , والوطن بين حُضنها هُدنة و حالة اتفاق نهائية .
لم أعد أعرف في أي وطن أقيم , في أي احتمال أضع فيه بقايا ناي وذكريات ...!
نتفق على أن لا نختلف , نختلف على أن لا نختلف
وبين كل اتفاق واختلاف حالة ازدراء , حالة حماقات لا تنتهي
خبر مُفجع أن تمضي إلى الأمام دون أي مُصوغات للبقاء , دون أن تستحضر معك شهية تدوينك للأشياء ولمن حولك , ودون أن ترى في الطلقة التي تختصرك شعرا من المُمكن أن تنبت بين جلدك وجُفنيك وفي مكمن الجُرح وطن شعشاع .
لا ترتبك فــ هُنالك أشياء كثيرة لم نقُلها بعد يا سيدي ...!
هُنالك أسماء بيضاء , وعُمق حزين , وطن بين دفاتر الحُزن وبين غربال الصيادين .
العُمق يا سيدي مازال حزينا , وميلادنا يختفي في بُقعة من الضوء , وروزنامة موتانا ترتفع منسوبها بين عالم من الأحياء .
الأحياء مازالوا ميتون , وقبورهم أكثر عددا من قُبور الأموات
يعيش وطن , يموت وطن , تعيش لُعبة الظروف والزمن والأقدار هي فيصل الفجيعة التي ننتظرها .
مُربكة هي الظروف , مُربكة هي الأحداث الموجعة , مُربك الوطن عندما يُختصر في شارع صغير وفي مداخل فندق خمسة نجوم , ومُربك تاريخ الصُدفة العابرة .
نحن كُل ذلك , نحن دون ذلك ...............
نحن الشهيد والقضية , لعنة الحُب والحرب نحن ..........
ونحن حالة سلام , اتفاق واختلاف ..........
ونحن مشروع الزمن القادم .
إذاً سوف نكتب , سوف نقيس المسافة الفاصلة بين ما نشعر به وما نعيشه , سوف نقول شيئا ذا أهمية وسوف نمضي وسط كُل هذا الهراء بلُغة جديدة كي نستوعب أن مواسم العشق ومواسم الثورات ليست كمواسم الموت .
وأن شهية ولذة المواطنة لا يُمكن أن تحيا بين جناحي جلاد .
نعرف جيدا أن شهقة الحزن تتنامي , وزفرة الحياة أيضا في تصاعد مُستمر
إذاً سوف ندنو قليلا كي نتعلم مبادئ الفرح , كي نلمس جُرح ملتهب لا يقوى على الصُمود .........
فلم أعد أعرف كيف أقيس هذا الهراء , وكيف تتوالى في ذاتي وقائع الأيام بأقل الخسائر المُمكنة ...!
سنُردد يوما ما أن هُنالك من مر من هُناك , ضحية وضحية , صيحة القاتل خوفا من مُفارقة هديل الحياة
خوف الضحية من فُقدان الحياة , خوف الجلاد من الحياة نفسها .
كـــ راهب أصبحت ألتقط أحجار النرد , وأحصي خيبات الآخرين , كـــ مُتوحد يحفظ تفاصيله في جوف كنيسة هوجاء ليتساوى إيمانه بحجم التفاصيل المُرهفة .
كل ذلك أنت , وعليك أن تقول شيئا ذا أهمية وأعرف أنك سوف تكون ذات يوم ذا أهمية وسوف تجد كلمتك طريقها كما قالها الرائع محمد شكري ذات يوم .



جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين