سيدتي منك وإليك السلام ....!
يا سيدة
الأرض والسماء دعيني ألتحف بهذا الغياب تُراب وعزة قلبك , دعيني أرسم في مُقلتيك
بحار من الدمع , امرأة من آتون الحريق .
دعيني
أتمتم بعض من إيماني الذي ضننت يوما ما أنه أنعدم في زحمة الفجائع اليومية , أنعدم
نتيجة انتصار القُبح , انتصار الألم , انتصار ثقافة مُجتمع مُتخلف علينا , ودعيني
أرى في الأفق لهيب ونار تشتعل لتحجُب كل الأحلام , كل الآمال , كل الأشياء الجميلة
التي رسمتها ذات يوم بمُخطط تفصيلي كي نعيش قادم دون كل هذا الهراء , دون هذه
العيشة الرخوة , دون التضعضُع في شوارع صنعاء بحثا عن كسرة خُبز لتُسد جزء من حُلم
أسرة , جُزء من حُلم بيت قادم مُقابل زهرة الليمون , عز الشباب , مُقابل حُلم
وشراكة جماعية مُثلى .
منك
السلام يا سيدة الضوء , منك وإليك الدُعاء , منك لُغات الحُرقة والدمع وألم الفراق
, منك مُناجاة العاشق ودعوات المقهورين , منك السماح وعدم السماح , منك قلب من
حديد , قلب من فراغ , قلب من فجيعة !!!
بين
آلاف من الكيلومترات كُنت قد قررت أن أحجز تذكرة مع الأمل , تذكرة مع شوط ووقت
إضافي في زحمة العُمر المُستعجلة , كي أبني على عُشك المُتواضع بعض من تاريخ
الجُنون , بعض من زُرقة البحر , بعض من شجرة ياسمين .
يبدو
أننا نعيش دون خارطة عشقيه , دون جمال الأوطان , دون نقاء وصفاء الأرواح المُتسخة
...!
يبدو أن
كثرة هذه الكيلومترات تتحول اليوم إلى طابور مُستعجل من الغصة , لتطول إلى غياب
رُبما يكون دائم كي نرى فيمن حولنا مُجرد قماءات تختصرهم قُبح الأوطان لنرى
عذاباتنا معهم .
أتلو
عليك اليوم خُطبة وداع رجل يبحث عن ذاته بين كُل الحرائق , أتلو عليك لعنة ظُروف
لم تسمح لنا يوما ما بمُلامسة الخد المُعذب , الدُموع الحارة , القلب النابض ,
والوطن الجميل .
أتلو
عليك لعنة ظروف كـــ لعنة حرب وثورة , كـــ لعنة سرقة دم الشُهداء , واستباحة
جُروح المُعذبين , أتلو عليك اليوم جزء من صفحات إعلام خانع فضلنا الرضوخ تحت
أقدامه كي لا نموت عطشى من السراب .
ولا زلت
أمام كُل هذا مؤمن بأن قرقوش مازال هو البطل في هذا البلد , بطل للثورة وبطل
للسرقة والفساد والدين , وكُل ما نستطيع أن نفعله حيال ذلك سوى تدليس الطريق أمامه
, منحة مزيدا من التكشيرة فوق ظهورنا , منحة أكثر من مُتسع للحكم , للإيمان ولــــ
نحوله في أقل من خطاب إلى تشي جيفارا الثورة واليمن .
لم أفكر
يوما ما أن أكون أقبح من هذا القرقوش من وجهة نظرك , لم أفكر أن لحظة عاطفية يُمكن
أن تُحولني من مُثقف وقارئ للأحداث ومُتابع لهموم الناس إلى مُجرد ديكتاتور تبحث
أنت في ظل غضبي الواجم إلى ترديد شعارات مُنادية بالرحيل , بالخروج من ثورة عاطفية
باتت تأكل معها كُل لحظات الوفاء .
أؤمن
تماما بأن المُتسلقين في حياتنا كُثر , وأن الباحثين عن الضوء في مُتسع الحروف ما
هُم إلا قلة قليلة فضلوا أحيانا التواري خلف أوطانهم ووراء ظُهورها , وأحيانا
نجدهم مرميين في عرض الشوارع في مواجهة الله كي يقتاتوا بعض من الخُبز والماء أمام
هذا العابر .
خذلتنا
صفارة حكم جائر ولم تمنحنا مزيدا من الوقت كي نعلن مرحلة حُب أبدي , سرمدي ,
ووقعنا أمام فخ كبير يبدءا في البحث عن أي شُروط للوفاء , أي شُروط للزواج , كي
تنتصر أنت لعُذريتك أو لـــ ربما تشعر أن رحيلك بات حقيقي أمام واقعك الذي لا
يتغير ولا يتبدل وفق هذا المزاج الميت .
فلست من
يعيش على مقاس تجربة عاطفية ضيقة , ولست من يعيش على احتمالات النجاح وفق جداريه
قلب مُتصلب , وأن من يؤمن في هذا البلد أن المُستقبل مرهون باليانصيب والحظ فهو
مخطئ , ومن يؤمن بأن الأمل هو رافعة الصعود إلى القادم وإلى الله فهو مخطئ أيضا .
فقد
كُنت أظن أن يوم عالمي عظيم كيوم المرأة في 8 مارس يُمكن أن يجلب معه لي سعادة
جديدة تتجاوز كُل الآلام وكُل اللحظات الخائبة وها أنا على معركة أخرى وجديدة مع
الدمع والحُزن بانتظار من ينتشل هذا القلب من العذاب .
ولم أعد
أؤمن في مزاج الراحل درويش في الجميلات وتوكيده على أنهن الجميلات (الجميلات هُن
الجميلات) إلا لعيش نزوة عاطفية لا أكثر ولا أقل .
فما
أكثر النزوات والغزوات في حياتنا , ما أكثر رجال الدين والمُتحذلقين علينا , وما
أرخص الدم في باروك وصولجان المزاد السياسي , وما أرخص قلبك أمام قوة حُب حقيقية
ظننتها لن تتهاوى أمام قلاع حاكم , أمام اتصال غادر كي تُنسف به وتُطمس ذاكرتي من
قواميس الانتظار .
ما
أرخصك وأنت تُردد كلمات الرحيل أمام من يُمكنه أن يمنحك الآمان فنداءك ذلك كنداء
ثوار الغفلة للبحث عن جلاد بين السراب , كنداء قلب يتفتت قُبحا ونُكرانا .
ها انذا
أترك بقية الحُروف لتعبُر لحظات الموت هذه ,
ها انذا
أترك لحظات الإيمان بالظروف ,
ها انذا
أقول للمرة الأخيرة أننا باقون وحُلمنا باقَ ,
فــ منك
وإليك السلام , منك وإليك السلام ..!
منك
وإليـــــــــــــــــــك الســـــــــــــــــلام ..!
جلال
غانم
Jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق