أروى عثمان ... وطن بنُكهة مدنية خالصة


لم أستغرب وأنا أرى الكاتبة والناشطة المدنية أروى عثمان وهي تتلو بعض من تعويذات المظلومين والمهمشين أمام الحاضرين في مؤتمر الحوار الوطني كمُمارسة لهواية البحث عن مواطنة عزٌت أن تجد لها طريق في وطن مسدود الأفق حيث تتوزع فيه الآدمية في عرض الشوارع كنتيجة لمُخلفات الحُكم الفردي الاستعلائي المُناهض لحُرية الناس في تقرير شكلية حياتهم .
فلم أرى من الحالمين اليوم سوى من يُمارس أكثر من هواية دغدغة المشاعر والعواطف في مؤتمر خطابي أجوف سوى القليل القلة من الرائعين الذين يمتلكون رؤية حقيقية يُنادون من خلالها بدولة نُظم وحُزم وإصلاحات صارت قاب قوسين أو أدنى من أن تغيب لتغيب معها كُل إمكانيات التمثيل العادل لقضايا الناس في موسم حواري لا نعرف من ملامحه شيء حتى هذه اللحظة .
أروى عُثمان وُجدت في زمن قبيح , في وطن حاكموه لا يعترفون إلا بمن يمسح أجواخهم , بمن يُنادي بمواطنة مُزدوجة ومُفخخة بميلاد عباقرة الفساد ورسم تاريخ مُختصر لهم , وجدت كحالة رُهبة بوجه الجلادين وبائعي الضمير فاستحقت لقب (ملكة المشاقر) , وريحانة الحالمين .
أروى عُثمان من تقول لا في وُجوه كُل هؤلاء , فلا تريد أن ترى في الوطن والثورة مُجرد غنيمة دينية يتم الدق على طبلها المخروق كي يتم منح أزرارها لمفكات صدئة غير قابلة على فك طلاسم الحاضر لتتسٌيد هذه القوى على مُستقبل البلد وتريد أن تحكمه بقوة النشيد والفقه المُخوزق والنظرة القاصرة للحقوق والحُريات إلا بما يتناسب مع منهجهم الضيق .
أروى عُثمان إن لم تكن مشروع وطن قابل للحياة والازدهار والأمل وفق قانون مدني تتساوى فيه كُل الأصوات وتعلو فيه سيادة القانون فهي في نظر القبيحين مُجرد علمانية وكاتبة مُنفتحة لا تُغطي شعرها كمقياس ضيق وحقير ودوني لأنهم يعرفون به كيف يقتلون أحلام الناس ويقتلون المشاريع التي ينادون بها بمُجرد أن يصطدموا مع غيرهم وهذا النشيد نعرفه مُسبقا وقد حفظناه جيدا فمن لا يملك الحق في قتلك في بلد كاليمن فهو يملك الحق الثوري والديني والوطني الأعرج لتوزيع صُكوك التُهم الجاهزة ورشقك بها والتي تليق بكل ضحية ومُفصلة على مقاسه ونشاطه المدني والحقوقي .
فتراكم مُصطلحات الأمراض الوطنية في قاموس بقناع أجوف لا نجد به إلا حالة من الإرباك تنتأبنا كُل ما قررنا أن نقطع على الماضي أي سُبل لعودته بكل ظلاميته واستبداده الديني والعسكري والقبلي المُناهض لأي حُكم وتمثيل عادل للناس في دولة حُكمها وقانونها قائم على مؤسسات مدنية مُثلى .
وهذا الاستشراء والدك في أعراض الكُتاب والناشطين ما هو إلا انعكاس لأزمة واقع شعاره ونظامه السياسي قابل فقط للتفتيت وغير قابل للحياة .
فمن يصرُخ اليوم بأعلى صوته بحثا عن وطن مدني خالي من أي نُكهة قذرة لتحالفات الأمس كـــ الأستاذة أروى عُثمان يستحق أن نُقدم له كُل عُرفان وهذه القلة القليلة هي الرهان المدني لأي حُكم تسوده قوة القانون ولا يوجد أي خيار آخر لعودة مُربعات وتحالفات القبيلة والدين والعسكر .
لــــ تستمر أروى عُثمان في البوح , ولان البوح معناه الموت في وطن ضيق والشهادة بمعركة افتراضية أبطالها ورقيون فسوف تستمر كُل آلات القمع والحرب ضد كُل مواطن ومواطنه قرروا أن يتخلصوا من الفُرقة والشتات ليرووا لكل من حولهم أن هذا الواقع مُحتاج إلى تضحيات كُبرى كي نخرج من قُمقم التحالفات ومن شكلية الثورات المفخخة التي تقود إلى حُكم ديكتاتوري آخر .

جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ذاكرة لــ الحُزن والوجع لم يشأء لها القدر أن تنتهي ...!!!

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

التائهون