زمن وجُغرافية اللا معقول


ما أتعس زمنك وأنت لازلت تعيشة في طُور السرد , في طور التعلق بإيجابيات وسلبيات الأشخاص ...!
تفقد بوصلة التعامل مع الطيبون , ولا يسعك بذلك سوى كتابتهم على عجل تعبيراُ عن حالة تعاطف ورثاء تفقدها في جوهر البوح معهم .
زمن يمُر من أمامنا سريعا , زمن نكتبه ونختصره بـــ بُضعة كلمات , فعلاُ إن زمن اللا معقول , حين تمتلك كُل يوم رصيد كبير من حالة الإرهاق والصُداع والألم , حين يتضاعف لديك منسوب قُبح الأشياء , حين تتحول أشلاء الكلمات المُتطايرة إلى مُجرد سلاح لرشق الآخر ورمية كي تشفى من اللا شيء .
نعيش زمن العُبور في ذاكرة الأوطان الجديدة كي نضع كُل يوم براويز وعناوين ثورية ووطنية لــ نندمج في حُرقة هذه الأوطان المُستعجلة في الانتحار , في البحث عن أعداء جُدد , ومُستعمرين وخونة وأوغاد .
هذه هي التركيبة التي لم نعُد نفهمها , سفر في اللا شيء , صراع من أجل تكريس مفاهيم القوة , نحيب وبُكاء نستلمه على مظلة علم ثوري لنُردد معه النشيد الوطني لنبداء مرحلة رحيل جديدة .
كُل شيء يدخل ضمن قانون المُفاجئات , ضمن اللا معقول , ضمن تخبط وبحث عن حالة استقرار نحن في أمس الحاجة لنعيشها كي ننتصر لعُقود وسنوات من حالات القهر والاضطهاد .
إن قانون الثورة جائر وغير عادل إن لم يمنح كُل واحد منا حُلم مُخدر كي نعيش على إيقاعه في قادم الأيام , وهذا الحُلم يتجاوز نُفوذ ومقاعد الأحزاب الضيقة الأفق , يتجاوز مجموعة وتكتلات رجال الدين , يتجاوز مفهوم الوظيفة العامة وسُلطة الرئيس والوزير ومُدير المدرسة .
حالة هوس عليك أن تعيشها , عليك أن تُدير ظهرك للزمن كي لا تتساقط كُل عناقيدك , وعليك أن تمنح القادم زفرة طويلة لتطول معها كُل الأحلام المؤجلة في انتظار مُمارسة العبث معها .
ما يحصل حياة نعيشها بدوامة مداخلها ومخارجها مربوطة بعدم الفهم , وبالفوضى , وبالجنون , ثورة جواز سفرها مُزور ولم تستطع أن تعبُر ضفة الحُلم , حُلم الفقراء والمُعوزين , لم تستطع أن تنتصر سوى لنُخبة واحده عرفناها كما يبدو انتهازية وثورية وحزبية سيئة .
من غير المعقول , من غير العدل أن كُل ما يحصل نُصنفه ثمن القضاء والقدر , ضمن غباء الأحزاب ومأفونيها , ضمن سُحنة بقايا نظام , ضمن شماعة عسكر وفاسدين وخونة ...!
لا جدوى من البُكاء , لا جدوى من الضحك والحُزن , لا جدوى من الكلمات والأمل , لا جدوى من الحوار , من الأوطان الميتة .
لا جدوى لا جدوى لا جدوى ..............
الواقع عندما يكُون هو أنا وأنت وكُل الناس حينها نعرف قيمة كُل الجزئيات في الحياة , الواقع عندما يكون مُمارس من الكُل ضد الكُل نعرف حينها أن لهذه الأوطان كرامة , أن للأشخاص أحلام لا تموت بموت ساقط أو عاهرة .
رياح تأخذ ما حولها غير مُستعوبين ما يحدث سوى التمسك بأطراف نشيد أحزابنا كي تنقذنا من أي طوفان ســ نعيشه .
ولأن زمن المُفاجئات هو زمن غير واضح المعالم فإن كُل واحد منا كُل يوم على موعد مع لعنه جديده , مع عذاب وحالة تشظي جديدة , مع أمل يلمع ويموت قبل أن يُلامس الحقيقة .
آن لنا اليوم أن نحلم , أن نعيش دون هذا اللا معقول , آن لنا أن نستبيح خارطة الفقر , خارطة ومدائن المُدن القاسية ...

جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين