لأجلك تدمع العين شُكري بلعيد !!!


فخ الاتهام المجاني التي تُعاني منه الشُعوب نتيجة انعدام العدالة البشرية في تطبيق الأنظمة والقوانين هي من ترفع اللافتات عند في أول عملية قتل تُطال المدنيين والكُتاب والمُثقفين .
فما بين جار الله عُمر وشُكري بلعيد مآقي من الدمع , رصيد لا ينتهي من الألم , فمن يحمل في زماننا هذا هم وطنه وأمته دائما تُسدد بُندقية وبارود الغدر في صدره لأنه قال لا في وجه جلاديه , لأنه يؤمن أن الأوطان لا تُبنى بالطعنات , ولا بطيف سياسي واحد مُختزل لا يقبل بفكرة الآخر وبقضيته وصوته الجهور .
هو إذا شكري بلعيد الحقوقي والقيادي في كُتله الجبهة الشعبية المعارضة للحكومة التونسية والمعروف بمواقفه المُناهضة لحزب النهضة التونسي . 
فمن يكتب اليوم عن الثورات يجب أن يكتب عن شكري بلعيد , عن تصالح قوى اليسار بدلا من انهيارها ردا على كُل من يعبث بحُلم الناس , ردا على كُل من يرى في تغييب الأصوات المُناهضة لأي مشروع إسلامي مختزل لا يُمثل هوية الشعوب المُنادية بفضح كُل طرق وألاعيب الحُكام الجُدد .
تونس تودع ابن بلدها شُكري بأصوات وزفير الملايين التي خرجت تقول لا في الوقت الذي لم يرى فيه شعبنا اليمني من قضية اغتيال جار الله عمر إلا بعض الكتابات البسيطة والاجتهادية لبعض المُثقفين وهذا هو الفرق بين قوة الشعوب المنادية بالحرية والمساواة والعدالة وبين الشعوب المُتقبلة للواقع بكل بشاعته وأرتاله القميئة .
شُكري لم يؤمن يوما ما إلا بصوت الوطن الواحد , ولم يهاب الموت في رسائل تُوزع على طول الخريطة التونسية بالمجان لتطال هاتفه وأسرته الصغيرة بفجيعة أدمت لها كُل القلوب , كُل من يحمل مشروع إنساني خوفا من انهياره .
هو إذاُ شُكري بلعيد أبن الساحل التونسي الذي فضل الغياب والتواري خلف صدره المليء بمُعاناة السجون والفجيعة , بين قتل فكر نهضة الشعوب وتقدمها , هـــو رجل اغتالته يد الغدر والكُره والحقد لكل ما ينتمي للشعب التونسي شعبا وهوية , لكل من يُدافع عن بلده بروحة ودمه , لكل من يقول لا في وجه قراصنة السُلطة ومُرتزقيها .
لن ننساك شُكري ومازالت محابرنا نسنها لوداعك , وسوف نُواصل طريق الحُرية بخارطة أشلاءها تتفتح دم وقتل واغتيال بدلا من ربيع الزهر الذي صنعته أنت بكتفك المُتعب دفاعا عن ثورة بدأت تأكل أبنائها سريعا
وتفتك بدمائهم كعُصارة مرحلة مُغيبة فيها كُل أصوات العدالة التي تُختصر بالرصاص والموت المجاني المستباح نتيجة ضيق أفقهم وهوائهم المسموم الذي يحملوه خوفا من أي مشروع وطني يطالهم ويفضح ألاعيبهم القذرة .
فلا مفهوم الإسلام السياسي الذي تُروج له قوى الظلام قادر على إنقاذ الشعوب من حالة الاستباحة هذه ولا بشفاعة رجل دين ومفكر يرى بالآخرين مُجرد فائض وطني وإنساني يجب تصفيته قبل أن تنقشع كُل الألاعيب التي يُمارسوها باسم هذا الفكر وباسم الإسلام البعيد عن هوياتهم البربرية .
فلا غرابة ما رأيناه في الأمس من أن مشى بجنازة جار عمر ابن اليمن البار وما رآيناه في جنازتك التي حضرتها كُل أدوات الموت الحادة وكل القوى التي رفعت صوتها عن تكفيرك في لحظة موت خوفا من وجه العدالة الذي رُبما يطالهم .
يا لهاله الموت , ويا لصفاقة هذه الشعوب التي تُفكر بالموت قبل الحياة , تُفكر بتصفية أبنائها المُتنورين قبل أن تولد الثورات وتخرج من رحم وبجاحة الرجل الواحد !
شُكري بلعيد وأنا أرى وصيتك لأبنتك على عجل لم أستطع مُكابدة دمعي المتواصل ونزيفي ذاكرتي الحاد , لم أستطع مُكابدة الظروف التي تحيط بنا من كُل جانب والتي ما إن ننفك من إحداها إلا ونرى رصاصة طائشة تسكن صدورنا .
شُكري بلعيد مشروعك بتوحيد قوى اليسار التونسي سوف يجد بعد رحيلك طريق للنجاة تيمنا بمبادئك التي صفتها على عجل قبل الموت , بل سيتعدى هذا المشروع إلى بُلدان كاليمن ومصر وغيرها لإعلان يسار عربي مُوحد قادر على مواصلة النضال على دربك ودرب جار الله عمر اليمني وبقية شُهداء الأمة الذين ضحوا بأرواحهم ووهبوها كي تثمر في الغد وردة الكُل سوف يشم عبق رائحتها والكل سوف يقطف من بُستان وطنه قانون عادل ونظام سياسي قادر على تمثيل الشعوب والأخذ بها إلى طريق النجاة .

 
جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ذاكرة لــ الحُزن والوجع لم يشأء لها القدر أن تنتهي ...!!!

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

ماذا بعد ..........؟