قاب قوسين أو أدنى


للخروج من حالة الكآبة التي تُعاني منها والروتين اليومي المصبوغ بجدلية الثورة وذُقون المتدينين وحاملي النظريات الإسلامية , وناشئو الإعلام الجديد والحالمون ببناء أوطان ناقصة جينيا وفكريا تعتريك حالة قرف من كل شيء فلم تعُد ترى من يُعيد لك وهجك الذهني وإنسانيتك المفقودة بين كل المُدن سوى بعض القراءات والتمتمات التي تشعر بانجذابك نحوها لتهرب من واقع مُشقق من الداخل لا يعيه إلا من يقرأه من كُل الزوايا والأماكن بعيدا عن أي عاطفية دينية وفكرية ضيقة .
تُصادفك في بعض الأحيان نصوص وكتابات جيدة تريد أن تهرب بها من كُل الأفكار المدهوسة والمدهونة والمُسممة والتي اجتاحت كيان صُناع السياسة الجُدد , الذين لم ينتجوا لنا سوى (ثورة عرجاء) لم تستطع أن تنتصر في يوما ما لا لشهيد أو لجريح أو لمثقف وكاتب أو حتى لرجل دين مُتحذلق من بعض ناقديه .
فقد كان الراحل غسان كنفاني مُحقا عندما كتب :
((يسرقون منك رغيفك , ثم يعطونك منه كسرة , ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم , يا لوقاحتهم))!!!
فالواقع المُنتج لثقافة الكراهية لا يُمكن أن يبني أوطان قادرة على الأتساع لكل الحالمين بأوطان نظيفة لا تعبث بالنرجسه ولا بقتل أبنائها ولا يـــ تسميم أفكارهم لكي يروا الغد بعقول منفوخة , غير قادرة على الاستيعاب والفهم .
حُضور سياسي باهت وغير مُشرف , ثورة مخلوطة بالدم , حارسوها يأكلون من حقل نقيعه حامض , ألوية جديدة تقتل , وألوية مدنية أخرى تُزيف وعي الجماهير , وألوية ترتزق من فُتات الحُكام وبائعي الكلمة والضمير .
هُدنة ضد السلام , اتفاقيات تصالح مع الموت , مُوسوليني يحكم , هتلر جديد يُنادي بتحرير اليمن من أصوات المُعارضين والكُتاب والمُثقفين الرافضين لشكلية الواقع الهزيل .
ثورة تمضي , قادم تتحلل كُل روائحه بنفس المُفاعلات التي لم تسقط بثورة لتُداعبها كي تحكم بقوة وذكاء المال والسلاح والإعلام الخانع والهزيل .
فقوة اليأس قطعا لا تتوازى مع قوة الإيمان وقوة الهزيمة لا يُمكن أن تُضاهي حالة انتصار والأخطر عندما تتحول كُل قوة نافذة ومُسيطرة إلى قوة حاكمة تُريد أن تُطبق علينا ((أتبعني أو أنت ضدي) ( أريد أن أحكمك بكتاب الله)  لتجد بعض التعاطف في الشارع من المُنضوين في تكتلات أو شبه تكتلات دينية وسياسية مائلة كُل ذلك يُذكرني بسياسات المُستعمرين التي قرأنها في كُتب التاريخ بــ المعلامة والكتاتيب والمدارس المتواضعة ((فرق تسد)) والتي تتكرر في زماننا هذا بطرق وأساليب جديدة لتُراقص عقليات الناس وتُغازلهم بتوجهات حزبية ووطنية خاوية .
لا بأس أن ننضوي تحت تكتلات سياسية جيدة لكن يجب أن نُراهن على مُقومات أفضل في الحُرية والديمقراطية والمُساواة وحُكم المرأة وتواجدها في مراكز القرار السياسي كضريبة حتمية لكل ثورة وحالة طوفان جديدة ولكل فعل سياسي جيد تأمل الأمة فيه كُل خير (خارج ديكتاتورية الأفراد والجماعات)) .
لا بأس أن نحكم دون تكفير للناس , لا بأس أن نُحاكم حتى الغيب دون أن نعي لون المطر
فالوقع الرديء للمُمارسة دائما ما ينتج كائنات إنسانية ووطنية ناقصة لا تعي دورها إلا بعملية تدجين كُل ما يقع في أيديها كي تعكس صورة مُغايرة لهذا الواقع .
قاب قوسين أو أدنى لنتحول إلى رُعاع , فاقدي القُدرة على التحكم في أنفسنا
قاب قوسين أو أدنى لتدمير سُد مأرب السياسي في عصر الثورة الجديد كي ننتشر على كُل بقاع الأرض دون وطن يُذكر .
قاب قوسين أو أدنى لنطوي صفحاتنا مع الفرح القادم , لتكريس حُزن مُستديم
قاب قوسين أو أدنى لنجعل كُل الحاكمين ثوار , كُل الثوار مُرتزقة
وطن قاب قوسين أو أدنى لنحوله إلى ضريح نتباكى على مدخلة ونذبح الفراخ والنعاج للتبرك بثورته وثواره
قاب قوسين أنت أيها الرائع الذي لم تتعب ولا تكل أو تمل نتيجة تغير كُل معادلات الزمن والأرض أن تتحول إلى حالة صلب نهائية نبكيك في شتائنا هذا وفي صيفنا القادم كي نستمتع بصلبك وسلخك على جداريه وطن يتهاوي تحت كُل الضربات كي نحولك فيما بعد إلى سيرة ورواية تقرأها الأجيال القادمة تحت مُسمى جديد لــــ ((المسيح يُصلب من جديد)) كما كتبها ذات يوم اليوناني نيكوس كازنتزاكي .

جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ذاكرة لــ الحُزن والوجع لم يشأء لها القدر أن تنتهي ...!!!

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

ماذا بعد ..........؟