حقا إنه الزمن الحراشي !!!


من قراءتي لرواية ((طائر الخراب)) للبروفيسور اليمني حبيب عبد الرب سروري في أبهى إصدارات خالد سلمان في أسبوعية صحيفة الثوري اليمنية تذكرت ما قاله أراجون ((ليس ثمة عشق لا يرتوي من الدمع ليس ثمة عشق سعيد)) في مُقدمة الرواية .
هالتني مشاهد تقدم الزمن دون أجنحة , تقدم العملية السياسية التي تفتقد للروح الحية , تذكرت معها كُل تلاوات خالد سلمان وبوحه على طاولة وطنية من ورق .
تذكرت جيدا أن هذا الزمن هو زمن سُقوط الأفكار واتساخها , زمن التحالفات النيئة , ولم أستطع أن أُشبه هذه اللحظات التي نعيشها إلا بالزمن الحراشي الذي كتبه يوما ما الطاهر وطار في جزئية اللاز الثاني  :
((العشق والموت في الزمن الحراشي)) أتذكر مفهوم السياسة بشكلها الحاد والصارخ , أتذكر جيدا ما نسجه الطاهر وطار في ثورة الجزائر الزراعية , أتذكر جيدا ما كتبه هذا الأمازيغي الرائع من تساقط بلح التين من عنقود التنين الذي يلوي بذراعه كُل الأساليب المُمكنة .
أن نجد أكثر من ذريعة للعيش , للتشبث في مُدن عاهرة لا تمنحنا كُل يوم إلا فجائعها ,  ولا نجد في كُل ذريعة نعيشها أو نكتبها إلا مُخدر لكتابته على ورق عابرة تعبيرا عن سياسات الرفض التي نعيشها .
أزاميل السياسة والحُفر التي تخلفها لا نرى فيها كُل يوم إلا مشاهد تراجيديه من أفلام الخيال التي يتم صياغة وهندسة أفكارها في بعقول مرضانا الذين شاخوا ولازالوا يرون في الوطن غنيمة لابُد وأن تُبتلع باسم هؤلاء رُبما يرون في أنفسهم مواطنين من الدرجة الأولى , ثُوار من الطراز الرفيع , مُناضلين لأنهم شاركوا في الدفاع عن الوحدة .
ما سر كُل ذلك ( أن نجد مُثقف يرتزق من باب المُناكفة) كاتب يُزور صفحات حبره كي يرضى باحترام الغير , ما السر في حياتنا التي بدت في كُل وقت أقل بكثير من حُلم الآخرين .
تسقط في اليوم ألف مرة , تُقتل , تُحارب , تستل سيفك , تكتب كُل ذلك لا يعني شيء طالما وأنت خارج الحسابات الفلكية للحاكمين , طالما وأنت لا تمتلك ورائك أكثر من شارة عسكرية , أكثر من حالة غثيان مُستمر.
الهياكل الإدارية والوزارية والثورية كُل يوم تُعنونها الصحف الرسمية في يافطات سريعة وعلى عجل لكن واقع الحال مازال مُزري , ومازالت شماعة الفرد الواحد المُسيطر قائمة , وما زالت حسابات المُثقفين خارج دائرة الضوء , خارج دائرة التفكيك الفعلية لفوضى الحُكم .
حقا لا يوجد شيء جميل , لا يوجد ما يُمكن أن نسميه حالة فرز , حالة نُبل واحترام في فيالق الحاكمين
حقا إنه زمن الحراشي , زمن اتساخ الأفكار ومهدها .


جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين