مجرد خبر عابر
دائما
ما تُواجه أحداثنا الصغيرة والمُتوسطة بــــ (إنه مُجرد خبر عابر) , (لا تعيره
الاهتمام اللازم) لنُمرر أحداثنا ونعيشها بتواطؤ كامل مع الزمن , مع غلطة الأيام ,
وشجرة العُمر الصغيرة .
نرتضي
بشُروط الحياة كي نقبل المُمكن لا لنُواجه المُستحيل , فجائعنا دائما ما تقترن مع
غيبيات مُثبته لنعرف أننا كائنات لا تستطع أن تُواجه ضميرها , ذاكرتها , قدرها
المحتوم .
من
المُبالغة في التزييف إلى رسم معالم وحُدود ضيقة الأفق في مدارات أقل قًُدرة على
التواجد في المساحات الضيقة من الذات .
إن
منسُوب الحياة كمنسوب الموت لا تقبل القسمة أيضا على جُملة اعتراض أو حتى على
جُملة شرطية وعبثيه تقتضي النظر لها بقلب حقيقي غير قابل للتغليف بوسائل حديثة
وكذبة مُستعارة .
حياة
مُتصلة بهذا المنسوب (منسوب السعادة , منسوب البُكاء ) , (منسوب الحُزن , منسوب
الضحك ) وبين كُل منسوب وآخر نرى وجوهنا , مرايانا , عُمرنا القادم , تصورات الغد
, وحياة أجمل وأتعس من أن نعيش أحداثها على عجل تام .
خبر يمر
أمامك من إذاعة محلية وقناة تلفزيونية , وخبر آخر تُصادفه في رواية ما , وخبر آخر
تراه في أروقة الجامعة , وخبر أخر تُصادفه في معركة تبذل كُل جهدك للخروج منها
مُنتصرا ليس لقضيتك التي تحملها بل هُروبا من موت مُحقق ترى فيه وجه الحياة الأسمى
والأجمل بين سُيوف العدو وبين صليل المعركة .
كثره
الأحداث وتعدد هذا الخبر الذي يُصادفك إما بالأمل أو بالبؤس تعي جيدا أن عليك أن
تعيش فجائعك وأفراحك بشروط أقل كُلفة من الموت نفسه , أقل تأثيرا على تعكير صفاء
واقع الحياة اليومي كي تبدءا كُل يوم صفحة جديدة مُلغمة بالصُدفة التي من المُمكن
أن تنقلك إلى وضعية أفضل وتنتشلك من واقعك المُزري بأقل التكاليف المُمكنة .
علينا
أن نرى ونرى ونُحقق في النظر لما يدور حولنا كي نجد ذاتنا فيه , كي نقوى على العيش
بتفاصيل جيدة , كي نرى وجه الحياة الأسمى بحلوها ومُرها ’ بيأسها وأملها , بحنينها
وتعاستها , وعلينا أن نرى في كُل ثورة نحدثها قيمنا ومبادئنا كتجسيد حقيقي للتضحية
, للتغيير والتنوير , للبحث عن واقع فكري تتغذي عليه عقليات الشُعوب وتنقلها من
مفهوم الصراع الطبقي القائم على الاستفراد بالسُلطة إلى صراع فكري أقل قُدرة على
القتل وإلغاء الآخر تحت مُسميات العصبيات الصغيرة التي تنتهي بالمصلحة المُستفردة
.
أن نجد
في كُل فكر مصدر للتعايش , للحُلم النبيل , للصراع تحت سقف الحُرية والقانون لا أن
نُجدد هوياتنا المُضطربة أصلا بمزاجيات شخصية وذاتية نستفرد بها كي نحوز على نسبة
أعلى من القُبح لدى الآخر الذي نختلف معه ونرى في كُل اختلاف مُجرد خبر عابر لا
يعنينا بشيء سوى مزيدا من التحقير وممارسة القوة في قول ما نريد .
إن
ديكتاتورية الكلام مثلها مثل ديكتاتورية المُمارسة تنطوي على ثغاء مُتواصل لتبرير
ما نعيشه سُلوكا وهذا السُلوك هو المُمارسة السيئة لديكتاتورية الذات التي تُحكم
بلا نوازع أخلاقية (تتمسك بالدين من أجل النجاة) أو لأجل الظهور بشروط أفضل أمام
الآخرين كي تقوى على العيش بشروط أفضل ووضعية جيدة .
جلال
غانم
Jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق