لُغز ثورة لم تنفك أزرارها بعد !!!


من يحكي عن إمكانية النجاة اليوم من مأزق تاريخي وسياسي واقتصادي تمر به البلد يُمكنه أن يُحاكم نفسه عن خطاب ارتجالي ضيق اختزلت فيه ثورة بطابع ديني وفئوي ضيق كي تبحث لها عن مخارج وسط آتون من الحرائق التي ابتلعت كُل اللاعبين الأساسيين في الثورة وفي السُلطة معا لنرى أنفسنا اليوم في خانة ثورية فاشلة تستمد شعاراتها اليوم من مُنطلقات المصلحة الأسمى للأشخاص الذين ثار اليمني من أجل القضاء على هذه الفئة من النافذين في البلد !
من يرى نفسه اليوم طاهر وثورته لا تشوبها شائبة عليه أن يُحاكم نفسه ويرى في كُل أنشودة انطلقت من ساحة التغيير أيام الثورة أنها لا تعني سوى سلسلة مُتواصلة من حالات الإقصاء للقوى الأخرى المتواجدة في الفعل الثوري المتواصل !
من يرى بأي شعار ديني مُعادي لسياسة البلد الخارجية ويرى فيه طوق نجاة يجب عليه أن يعرف أيضا أن هذا الاختزال لا يعني سوى استمرار حالة التوهان والسيطرة على أقصى ما يمكن السيطرة عليه على دفة البلد المتهاوية .
من يرى بكل أعلام ثوري مفتوح حالة تمجيد لشيخ ديني وقبلي مُعين أو طائفة مُعينة آن له أن يعرف أن هذا الإقصاء لا يخدم سوى هذه الشخصيات ولا يُقدم للبلد سوى الخيبة والنُكران ومُحاولة الالتواء عن أي توبة مُمكنة لهؤلاء !
كثر اللاعبون اليوم , كثر المُخادعون , كثر الإعلام المُباح , كثرت ألسنة المُتطاولين على كُل شيء !
لو رأينا فيلم وثائقي للثورة بشقها الحقوقي والإنساني والسياسي سوف نرى فاجعة هذا اليمني بمن يُباعون في سوق السياسة النيئة , سوف نرى عشرات ومئات الجرحى الذين لم يستفيدوا من مُنظمات بائعي الصوت الحزبي لنراهم اليوم يفترشون رصيف مجلس الوزراء انتظارا لرحمة الله .
آن الأوان لفظ لُعبة السياسة القذرة , آن الأوان لتجاوز كُل شخصيات الأمس , كُل ثوار الغفلة , كُل مستثمري الإنسان , وآن الأوان للتفكير بصوت اليمن الفكري الخالي من نعيق النظريات الدينية الضيقة التي تموت دفاعا عن شيخ قبلي أخطاء في حساب السياسة ومات دونها .
آن الأوان لتأسيس مفهوم للشراكة الوطنية التي تتعدى صراع قوى صنعاء , لبناء تاريخ جديد يتعدى مفهوم الزعيم والشيخ والجنرال والقائد .
آن الأوان لبناء خطاب إعلامي مسئول خالي من التشويه والكذب , آن لنا اليوم أن نقول لكل هؤلاء نُريد وطن خالي من كُل موميات الفساد والمُحنطين وآكلي أرزاق الناس .
الكُل يعمل اليوم من أجل تكريس سياسة أنا طوافة نجاة لكم في عوامة آسنة بالاحتقانات والتعقُيدات النابعة من صراع الماضي إلى الحاضر إلى مُستقبل لا يُمكن أن تلتئم فيه قوة البلد إلا به وحدة .
حالة السرد هذه ذكرتني بصديقي الرائع ((فيصل الهلالي)) الذي زار ساحة التغيير يوما ما والمُتلهف لرؤية أقدام الثائرين التي تنبُت وطن قادم بفكر تقدمي يُعاصر ذهنية الثورة لإنتاج تاريخ جديد قادر على استيعاب حُلم الناس هالة فاجعة ما رأي وما سمع بكلتا أذنيه أن الثورة عبارة عن أناشيد مُصدعة لكل قادم للساحة وصور لشيوخ مرفوعة على المنصة قال لي وهو في حالة ذهول شعرت أني أعيش قندهار من جديد بوجه صنعاء المتآكل , شعرت أن الثورة تبحث عن مُبرر جديد لعودة زُعماء الأمس الفاسدين .
يقول لي في مُكالمة هاتفية عابرة يا صديقي لا يُمكن أن ننجو من كل هذا العبث إن لم نبحث للثورة عن مشروع فكري قادر على فكفكه كُل ألغاز الدين والسياسة والاقتصاد كي نبني وطن آخر قادر على الانتصار للجنوب والشمال ويعيد الاعتبار لليمني كإنسان وحضارة .

جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ذاكرة لــ الحُزن والوجع لم يشأء لها القدر أن تنتهي ...!!!

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

ماذا بعد ..........؟