كُلما أزداد نقاء المرء ازدادت تعاسته
في
حياتنا دائما ما ننتظر الحظ كي يأخذنا إلى طُرق أكثر أمانا وأكثر قُدرة على الحُلم
فيكثر المُنقذون في حياتنا وتزداد السكاكين من حولنا ويتعثر المُنقذون بنا ثم نسقط
, نقع , نُحاول مرة أخرى , ثم نستيقظ من جديد كي تستمر دورة الحياة في أشد
عنفوانها تدفق وحيرة وحُلم لا يتوارى .
حياة
مفتوحة على كُل الاحتمالات ووسط كُل احتمال ألف سؤال وإجابة وعلينا أن نجد ذاتنا
بين آتون الحُرقة واحتمالات السقوط , أن
نعيش تحت ضربات القدر بزفرات أعلى لــــنُواجه عُذرية حياة ورجس خطيئة , أن نعيش
بنقاء ضمير , بمُبررات خارج حسابات اليأس , خارج سُلطة ظُلم , خارج تراجيدينا
الموت والخديعة .
مُسلمات
كثيرة نرى فيها مصدر بأسنا , مصدر حُبنا , مصدر سُلطتنا وقوتنا ومصدر نجاحنا ولا نعرف أن بكُل مُسلم آمنا به
لا يعد قادر على انتشالنا في لحظة تعثر أو لحظات سُقوط نهائية .
وبعد
كُل سُقوط نعيش تفاصيله نعرف كم نحن نمتلك
قُلوب نقيه , قُلوب وضمائر لا تُصادر قوة الإرادة والتفاعل مع الآخرين .
لا يهم
أن نعيش مُغمضي الأعين أو بغباء غير مقصود كما يوحي للآخرين بذلك المهم أن نكون
صادقي النيات في كُل مشروع حياة , أن نعيش بإخفاق قلب دائم , برئة غير مُصابة بداء
الحقد , والكراهية .
وباعتقادي
أن الكاتب الروسي العظيم أنطون تشيخوف كان صادقا عندما قال :
((كُلما
أزداد نقاء المرء ازدادت تعاسته))
فشيء طبيعي
أن نرى أشد أنواع التعسف والمُعاناة التي نعيشها في مُجتمعات عدمية , لا تعرف
للقانون أو لشكلية للحياة المدنية طريق ومن الغير الأجدى أن نتخلى يوما ما عن ما
آمنا به كي لا نُناقض هذا النقاء وهذا النُبل مُقابل تعاسة وحياة مُرغمون على
قُبولها بأقل النتائج المُمكنة .
ففي كُل
خطوة نخطوها وفي كُل تقدم نصنعه نُناقض حالة الخوف التي نُعانيها ونُقارع بأسنا
وفقرنا كي نؤسس لحلم لا يفتى أن يتحول إلى مصدر للقوة في تاريخ حياتنا ونضالنا
القادم .
يكفي أن
نمضي دون أن نشعر بآلية السُقوط أو بالفشل ويكفي أن نعيش دون حصار وطوق يُفرض على
حياتنا لنرى في كُل ما نصنعه مجد مُقابل حُلم يتحول في يوما ما إلى نشيد ورصيد
وطني ما يفتى ولا ينضب ولا يتراجع تحت كُل الظروف .
فهنيئا
للنقاء إن أتخذ منا سبيل للحياة والمُقاومة وبؤساُ للقبح أن أتخذ من جلدنا المُتعب
والمخروق سبيلا لنيل أي مجد شخصي على حساب نقاء ونظافة قُلوبنا وتاريخنا المُسالم
.
جلال
غانم
Jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق