أفتونا أين أنتم بنا ذاهبون ؟


ما يتبادر إلى أذهاننا بأن واقعنا المُفكك بحاجة إلى أكثر من قائد فذ , أكثر من ديكتاتورية صماء لا تستجيب إلا لنداءات حاكميها إلى ثقافة انقضاض ومُغالبة كُل الجُهود التي تقود إلى حُكم الناس بالعدالة مع منحهم حقهم في التعبير عن أرائهم  .
كُل ذلك يحدث اليوم وكأننا نعيش خارج نداءاتنا الكونية , خارج حشرجة الثورات التي تم إجهاضها بـــ بُرقع الانتماء , بولاءات الأشخاص , بقمقم القبيلة وأركالها .
أن تستعيد جُزء من شماعة كُتب عليها تم إنجاح الثورات وتم التغيير دُون أدنى شُروط للحُرية التي نادى بها الثائرين يوما ما وكأن الثورات عبارة عن فُسحة زمنية ولُعبة لا يتم تحريكها إلا بالدم وبتساقط الأشخاص
أن تستعيد جُزء من ذلك الشريط , من لثام وبرد الانتماء فإن ذلك رُبما يقودك إلى فرامه تخوين لن تستطع بعدها أن تقم إلا وقد ألبسوك ألف تُهمة وتُهمة كنياشين وجب عليك استحقاقها خارج عواء القطيع .
هُنالك اليوم من يقود شبابه إعلامية تعطي وجه المُنتصر القدرة على التبجُح , هُنالك من يمنح الثورة اليوم كفنها الذي لم يتم حياكته بعد وهُنالك من يضع لنفسه تاريخا خارج مُسودة القرار السياسي , وهُنالك ثورة مازالت تنزف بين أروقة الشوارع .
من يلُف حبل المشنقة على رقبة المحكوم عليه جورا وبُهتانا سوف يتذكر يوما ما بأنه لم يمنح هذا المحكوم سوى حُريته التي لم يراها أمام جلاد , لا يشيء كُل يوم إلا برائحة الموت , سوف يتذكر جيدا بأن الحق دائما ما يكون نتيجة جُهد وتضحيات تذبح وتُزهق باسمة وتُعلق كُل هذه المقاصل .
ثقافة الافتراس هو من تُجيده النُخب اليمنية عسكرية وسياسية وأن حمامات الدماء تبقى في أذهانهم كذكرى لتزييف وشراء صوت الشارع على مر الأزمان .
يا للهول أحزابنا لم تعد قادرة حتى على إنصاف المُنتمين لها وُجدانيا وتنظيميا سوى بالكلام
يا إلهي ما الذي يقودنا اليوم إلى صناعة مُستقبل محشي بكل أنواع البشاعات , مُزور بكل لُغات القبح , ما الذي أوصلنا لنرى غد بحجم إزارنا , معطفنا , صميلنا الذي يهابه الآخرون .
ما الذي يقودنا إلى صناعة غد لا يتطابق سوى مع تاريخ جلاد , مع ثقافة شيخ , مع رائحة تصفيات لأجل الاستفراد بقوة الدوق , بكذبة النبيل , بصوت الحُرية الذي لم نرى منها إلا جنازة تسير ونحن خلفها نندب حظنا اللعين .
طُقوسنا تتبدد , الممارسة السياسية أشبة بالمستحيل , رياح القوة والتحالفات هي من تجعل هذا اليمني يقف مندهشا بحيرته .
من يرى اليوم الغد مُوشم بالياسمين والورود وبالحرية التي أكلتها قوة نظام جثم علينا 33 عام وما زال مُستمر إلى يومنا هذا قوة ومُمارسة فأننا نقول له أنت كاذب .
إن من يصنع الغد بوسائل حياة خارج نطاقات شرنقة الامتداد القبلي والحزبي هو من يضع قدمه على ساق كُل التضحيات عدى ذلك فإننا ما زلنا نُردد الفاتحة ليلا وصباح لانتظار شهادتنا في أقرب شارع موت بدراجة نارية أو بطلقة عسكري لا يرى فيها إلا انتصار لنزواته التي مارسها خلال أكثر من أربعة عُقود من تاريخ هذه الجُمهورية .
الكل يعيش في حالة تناقض مع مبادئه والكل في حضرة المسخ يؤسس لوطن لا يتسع إلا له وحده ولمن حوله فأفتونا جيدا أين أنتم ذاهبون ؟؟؟
جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين