شهادة جديدة لا تفي بموت عطشانا ...


في أكثر الظُروف حساسية تنتابني موجة غضب لا اعرف كيف أسيطر على نفسي أمامها فأرقام ضحايا العُنف في تزايد مُستمر كُل يوم على أروقة ومداخل المُدن ونحن مشغولون في قيدهم ضمن سجل الشُهداء ولا نعرف من المُتسبب في قتلهم ومن المتسبب في وصول الحالة السياسية الرخوة إلى هذا الحد .
فشهُدائنا وقتلانا لم نعُد بحاجة كيف نُلملم أشلائهم أو نحصيهم بسجلات مدنية تُسرق على عجل في أقرب فرصة مُمكنة بقدر ما نُريد أن نكتشف حماقات الحُكم ونقاط الضُعف في رُخص الحياة لدى اليمني قاتل ومقتول .
أن تُقتل ليست مُصيبة في بلد يُستبيح فيه دمك ليل ونهار ولكن عندما تكون المصيبة إلى أي فئة تندرج حزبيا شهادتك .
فهل هُنالك في الشهادة فئة خمسة وأربعة نُجوم وشُهداء بدُون نُجوم وبلا أوطان أصلا !
من يخبر الحمقى السياسيين أننا يمنيين !
من يخبر من ؟
متى نعرف أن لشُهداء الحياة قيمتهم في غيابهم ؟
هُنالك تعدد يومي في حالة اللعنة التي نُعاني منها وكأننا شعب الله المغضوب , فتكتشف في أكثر اللحظات الإنسانية أنه لا يُوجد في هذا البلد شيء يستحق التضحية في خضم حالة الصراعات والتصفيات التي تطال الكُل ضد الكُل .
أن تُضحي من اجل قضية وتُقتل في وضح النهار وبالرصاص الحي شيء يدعو للغرابة والخوف .
 فالفوضى احتلت المساحة الأكبر في عُمر الثورة والامتداد الحِزبي بالمفهوم الشخصي هو من يفرض علينا كُل يوم نفس الشخصيات التي حكمت البلد على امتداد عُقود من الزمن ولم يتغير شيء لا في الحُكم أو في طُرق القتل أو حتى في استمرار وتزايد الفاسدين والركل بكل من يقول لا في وجوههم والبصق على وجهة إما بتهمة من العيار الثقيل أو بمُحاربته بوسائل إعلامية لم تعد اليوم إلا مصدر للابتزاز من الخُصوم .
اليمن بطولة وعرضه مسيرة حياة يومية تُعاني من حالة قمع , من حالة اقتلاع من الجُذور فأنت اليوم تكتب كُل ذلك ولا تُعلم رُبما تكون في الغد أنت الضحية القادمة في قواميس موتاهم .
لا شيء يُشيء إلا بحالة انفجار دائمة تتخللها بُطون خاوية وبين كُل ذلك لعنة الحُكم مازالت تُفرض علينا بشروط أقل ما يُمكن أن نحسبها سياسية أو حتى إنسانية .
أيها الرائعون احتفظوا بموتاكم وعلقوهم على صُدوركم كي تعرفون بالغد حالة النفير النهائية
أيها القادمون على الغد آن لكم أن تعرفوا أن أي ثورة في الدُنيا لا يُمكن أن تُحقق كُل مساراتها إلا بمليء فراغاتها بفكر وطني شمولي قادر على استيعاب كُل الاختلالات .
وآن لنا أن نعرف اليوم أن شُهدائنا وضحايانا ليس مُجرد حالة عُنف في بُورصة قتل يومية تستثني الكل من أجل الكل وتقتل البعض من أجل الكُل بل أن في الموت دائما حياة وفي الحياة دائما دُروس لابُد أن نُناضل على الانتصار لكُل تلك القيم التي رأيناها يوما ما على الأفق مصدر إلهام لكُل التضحيات .
ومازلنا على الدرب ندفع كُل يوم غيمة جديدة كي نقتل قطرات المطر التي لا تفيء بموت عطشانا
 
جلال غانم
 
Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين