ترانيم فرائحية كسعادة لكُل الهزائم


من أشبعونا يوما ما موتا بترانيم فرائحيه لا يُمكنهم أن يشبعونا سعادة بمُوازاة الموت , لقد شبعنا تجرُع كل الهزائم على امتداد خط طويل كُل تعرجاته لا تشي إلا بالموت فكيف إذا كان هذا الموت هو طريق الحياة ؟
كيف لنا أن نُجابه ثقافة جيل من الأرتال , مُصابة بأمراض (وهمية العصر والثورة) ؟
كيف لنا أن نبدءا في تشييد جُسور أكثر اتساعا , أرصفة أكثر قُدرة على مسح الدموع ؟
تجارب خاطئة ولدت لنا حالة من البؤس والفراغ , فراغ في القلب وفراغ في السُلطة ومركزها وفراغ في وُحدة الوجدان والأرض وحتى الخطيئة .
كيف لنا أن نتجاوز كُل هذه العُقد وما زال الوريد يقطُر دما , والعيُون تذرف دُموعا وحُرقة .
جباه كثيرة تشي بأن لنا غد لا يتوازى إلا مع الموت والحرب والهزيمة فنحن جيل ثُرنا لأننا نريد أن نعيش بشروط أفضل , لأننا نريد أن نرى غد نرى فيه أبنائنا مُتعلمين وبناتنا رائدات , لأننا نريد أن نجهز ونخنُق ثقافة بُندقية وسلاح ولدتها ظُروف سُلطة بائدة بــــــ بيادتها واتساخها وملاحمها التي سيذكرها التاريخ أنها قتلت طفله في المُعلا وشيخ في أبين وامرأة في صعده , لأنها حررتنا بديمقراطية ناقصة منحتنا نياشين الفِرقة والشتات وبدلتهم بنياشين أكثر حُرقة ومماتا هو الموت .
فتُوحات اجتاحت اليمني وسلبت كُل مُكوناته الإنسانية باسم الدين والقبيلة , باسم الخطيئة والرجولة , بكُل الأسماء منحتهم موتهم الحتمي بصرخات أكثر جنائزية كي يتم تشييعهم في ليل لا يعرف الخطيئة رُبما لأنهم خطيئة الإنسان .
كم كُنت وحدك يا أبن أمي يا أكثر من أب كم كنت وحدك
هو درويش من قبره يطلق زفراته المُمتدة بين فلسطين التي لم ترى النور وبين كُل أوجاع الإنسانية لنظل في تصالح دائم مع مديح ظِلة العالي لأنه عالي بالفعل ولأن أحلامنا أيضا سقفها مُرتفع ولا تعرف غير العلو .
ما يتم تبديده اليوم يعُود لنا في الغد بشكل أكثر قُبحا , والثورة التي لا تستطع أن تقتلع جُذور التخلف وتمحي كُل الخطايا في لحظة عابرة فإنها تتحول إلى حالة مرضية تتعلل بكل الأسباب كي تبقى على خمولها وخُنوعها الدائم .
فلا يُمكن أن يُنظر إلى الغد بعين واحدة أو بمشهد واحد وإسدال الستار عن كُل الخطايا
فالغد لا يُمكن أن يمنحنا أكثر من صورة واضحة عن وجه اليوم بتبريرات أعمق وبرؤية أكثر أتساعا
الحاضر هو الحاضر والمُستقبل حالة ركض لجنون اليوم , وما لم نراه في ماضينا وتحول إلى سراب يجب أن نعي أن رؤيته لن تتم إلا بتحطيم كُل براويز الماضي كي نلبس ثياب لمُستقبل يتسع لكُل الأحلام .

جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين