أحلام لا تتصالح مع الموت ....!
لم نكن
يوما ما نؤمن بفلسفة المُمارسة التي نادى بها المُفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي
والتي هي انعكاس لمشاكل مُعينة يطرحها الواقع من حيث دلالاتها المُباشرة إلا لأننا
كُل يوم نؤسس لمشاريع تتصالح مع الخطاء فقط ونمنح اللحظة عُنفها كي تُعيدنا إلى
نقاط ومخارج من الصعب السيطرة عليها ليكون الواقع مسرح للجريمة والحب ورُبما الحزن
والبُكاء والثورة وكل شيء .
الحُلم
عندما يتحول إلى مشروع للقتل يجب عليك أن تعرف جيدا أن هذا الحُلم ولد في لحظة
عُنف وقوة وأزدهر في ظل اختلال بنية إنسانيه قادها تاريخيا رجال لا يعرفون سوى
كيفية العبث به وتحويل مُخرجاته المُفترضة إلى فُقاعات مُميتة .
وأنت
تقرا تاريخ وحُلم بلدك تعرف جيدا مدى حُضور لُغة الموت في كُل سطر من تاريخه :
وأنت
تُفتش عن تاريخ ثورة نبيلة درستها كـــ كذبه كي يوهموك مدى حرصهم على بناء تاريخ
مُهذب وأنت تُفتش في صفحات ثورات سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر سوف ترى جيدا أن فلسفة
الثورة التي قامت عليها لم تكن سوى روزنامة من العُنف الذي تم إلصاقه بجبهات قبليه
لم تعرف منها سوى شقفة عرعرة امتدت لقصر البدر كي تنطفئ بجذوة الاجتياح .
التاريخ
لا يتصالح مع ذاته إنه يُعيدنا إلى فراغات أكثر غورا في القلب والوجدان
الثورة
حالة اجتياح , حالة غضب , انفعال , تطهير لآلات الفساد , إنها الثورة , إنها
الثورة , إنها الثورة
ماذا
عندما تتحول المجازر والأشلاء إلى تعليقه دائمة للوطن ؟
ماذا
عندما تتحول الأحلام إلى ثورات داخلية تُعاني من إنفصامات وانشقاقات دائمة ؟
فبراير
عندما يتوارى مع الأفق , بزة الجنرال الفاسد عندما تتحول إلى طوق نجاة , ذاكرة
المُثقف والثائر عندما يتم طمسها كي تُبنى بلد الخطائين / كُل ذلك يحدث وأنت في
ذُهول وحُرقة دائمة .
التفاصيل
تتقدم ولُغات المُوت والقتل هي من تثبت جديتها , هي من تدك كُلأ الأحلام , هي من
تضع يافطات الغد , وهي من تؤسس لمشاريع دينية مقيتة تسقط أمام اختبارات الخبز
والفجيعة .
الناس
في حالة خفقان دائم , النُعاس مازال يضرب القادة السياسيين , مشاريع تتراكم بعضها
فوق بعض لكنها في حالة تصالح وتغذية دائمة مع الموت , حوار الأمس اتفاقيات اليوم ,
ثورة اليوم وحُلم الغد
عناوين
كثيرة تجعلك تُزحزح غضبك وتستمر في زفراتك , تفقد الثقة بمن حولك (قادة وجنرالات ,
ثُوار وغنيمة , دين وقضية ) لم تعد تؤمن إلا بسيرة جوع متراصة على أوردة شوارع
المُدن منها المُصاب بمس شيطاني ومنها من لا يجد لُقمة عيش ومنها من يُتاجر
بإنسانيته كي تقتات أسرته أسوة ببقية البشر .
تعتريك
حالة غرابة , صُداع مُزمن جراء الخطابات المناوئة لكل ما هو صحيح , لم تستقم يوما
ما كُل الحشود المنادية بالحُرية ولن تستقم طالما وأنها مازالت واضعة أرجلها في
الوحل , لن تستطع أن تبكي بقوتك وشبابك طالما وهُنالك من له القُدرة على إيقافك .
أيها
اليمني لا تستجدي حُريتك من جلادك عليك أن تنتزعها كما انتزعت ثورتك من قُمقم
وجدار صلف
لا
تُصالح , لا تُساوم , لا تمنح قاتلك سوى الورد .
لا تؤمن
بكلامهم لأنهم لا يجيدون سوى القتل ,لأنك الفيصل وأنت الحكم عليك أن تقيس
ترمومترات الثورة والعُنف , بوابة الوصول والانتصار .
لا تضع
مع لُغتك أي لطخة دم , لا تستاق الماضي في بناء المُستقبل لان ماضينا مُشوه ومغلوط
, فقط عليك أن تبني غد بحجم الماضي , بحجم الخسارات والهزائم .
كُراس
الشجن , حبة الماربين , قُيود السجن عليك أن تحفظ كُل ذلك وأن تبدءا في فهم فلسفة
المُمارسة وأن تعي جيدا أن غرامشي عندما فكر أن يكتب للإنسانية يوما ما هذه
الفلسفة فإنه لم يضع في حُسبانه أنها مُمكن أن تتحول إلى أداة عالمية للتعبير عن
حالة الثورة والانفعال .
جلال
غانم
Jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق