أشهد أن حُضورك موت وأن غيابك موتان


في تعاستك هُنالك من يمنحك كذب يومي وجُرعات متتالية من الطمأنينة والأمل , وهُنالك من ينسج حكايات الانتصار حولك حينها تدرك أنك لا تعرف كيفية التنفس وهُنالك من يصنع منك شهوته اليومية كي يتنصر لذاته فيك ويضرب عدوة فيك وتُقتل أنت بمواجهة عدوة .
لا تعرف أنك مشروع للقتل يوما ما ! , لا تعرف أنك مُجرد حُلم إضافي ليقطف سعادتك غيرك
وأنت تُفكر لا تعرف أن هُنالك من يستبق تخميناتك , من يُعيد تاريخك ومجدك كي يرفعه في معركة زائفة أو وهمية أبطالها مُحاربون من ورق .
تستشهد بقوة الحُب أحيانا وقصص أبطالها أحيانا أخرى , لا تعرف بأنك مُعلق على قدر حُب زائف تُقلب زواياه فلا تجد غير ظلك .
تتمتع فقط بالسخرية من قماءة الأوضاع والتذمر فيمن حولك وتتهمهم بقوة الرجعية والهزيمة لأنك لم تقرءا ذاتك جيدا .
قراءة ذاتك لا تخلو من قراءة رجس من حولك , هزائمك وانتصاراتك لا تخلو من ردة فعل من وقائعك الداخلية .
وأنت تشهد بقوة الفراغ والموت , بقوة الحب والخديعة , وأن تروي ضماء حبيبتك بحُروفك , بقصائدك وعباراتك التي تزهنقها بُضعف ساعدك الأيمن لا تنسى أن تُناضل برئتك اليسرى أيضا , أن تُقاوم الفشل لأجل قوة الحياة , أن تُوافق على منح ذاتك ابتسامة عابرة كي تُجدد ما في جوهرك من قوة النُبل والكرامة .
مُثيرة للجدل نقيضا الحُب والكراهية فكم من مُؤلفات صيغت بالدموع وكمن سخريات كُتبت للترفع عن حالات القُبح وأنت تُعيد الشريط من أوله , ذاكرتك من أولها لست من المُنجمين كي تعرف أي حظ منحك ربك به , أي قوة عليك أن تمتلكها كي تعرف وقائعك وما يجول في ذاتك .
لا تقل شيء لكن بوسعك أن تتحمل كثيرا كما تعودت بك في ذلك , لا تبتسم إن شئت ولكن لأجل الإنسانية والأمل عليك أن تنطق ولو بشفاهك بعض الحُروف .
قضيتك هي قضيتي , إنسانيتك تجول في خاطري , انكساراتك هي انكساراتي , لا وقت كي نُبرر كل مُحددات الموت والحياة فقط عليك أن تمضي وأن تعطي جلدك ضريبة حتمية لموت افتقدنا في أقرب شوارع الحياة .
أشهد أنك الموت في حضرتي وُجودي وغيابي معا وأشهد أننا ننتمي إلى ذاكرة فقدناها في زمن الفجيعة
وأذكرك فقط بما قاله الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش :

((أشهد أن حُضورك موت وأن غيابك موتان ))


جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

ذاكرة لــ الحُزن والوجع لم يشأء لها القدر أن تنتهي ...!!!