فريدمان والتطلع لحكم أكثر كفاءة ونزاهة
يعتريني
ويملؤني الأمل عندما أرى سقف المطالب الوطنية مُرتفع لدى بعض المُثقفين الخارجين
عن كماشة الاستقطاب السياسي والمنادين بدولة عدالة تنصف الإنسان وتحميه من بطش
المُتشدقين بالثورة والمتلوين في قلبها لكن هذا الأمل سُرعان ينأي بنفسه بسبب
انعكاس فُقاعات الواقع السياسي مُحملة بورم سرطاني خبيث على الأرضية الوطنية التي
لم تستوي على نار هادئة في طريق التغيير الكُلي والمنشود .
هذا
القلق الحقيقي إزاء التوقعات التي من المُمكن أن تنتجه بعض القوى المحسوب على
التيارات الدينية أيا كان توجهها من فرض سُلطتها وأجندتها وما يُمكن أن يؤدي ذلك
من تراجع منسوب الحُرية والديمقراطية وتكميم الأفواه وتطبيق شريعتهم الجينية
والمُخصبة بعناصر وذرات لا تنتمي لقدسية الوطن بعكس ما تنتمي إلى قُرون وأزمنة
انتهى دورها ولم تعد صالحة لهذا العصر .
في هذا
الصدد قال الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقال له ((أملنا في أكثر من
مانديلا عربي)) في صحيفة نيويورك تايمز :
يحدوني الأمل لأن الشعوب العربية تناضل من أجل
حكم أكثر تمثيلا ونزاهة، وهو ما ستحتاجه للتغلب على جوانب القصور الهائلة في
التعليم والحرية وتمكين المرأة التي سببت تأخرها. ولكن التوصل إلى هذه الغاية دونه
عبور حقل ألغام من القضايا القبلية والطائفية وقضايا الحكم.
ربما ما
قاله فريدمان عن حالة التمثيل السياسي والنزاهة والحُكم الرشيد هو الأكثر تطابقا
مع حُلم هذه الشعوب كي تتغلب على واقعها المُمزق وعلى جوانب القُصور في التعليم
والحُرية الغائبة ناهيك عن دور المرآة الذي تراجع بشكل مُخيف .
هذه
القراءة السريعة لــــــــــــ فريدمان لواقعنا السياسي العربي وما يُمكن أن تفرزه
هذه الشعوب من إنتاج محكميهم وحُكامهم بمعنى أكثر من نيلسون مانديلا وأن يخرج من
بينهم زُعماء وطنيون خارجون من عباءة الدين والطائفية التي كانت الشقيقة والصُداع
الأكثر إيلاما طوال عُقود من الزمن والتي أسقطت هذه الزعامات وأدخلتهم في جُب
التاريخ كنتيجة مُخزية ومُجزية معا بما اقترفوه بحق هذه الشعوب .
هذا
الدرس القاسي علينا أن نستثمره في إحداث نقلة نوعية لهذه الشعوب وأن ننطلق من
المُربعات الأولى التي تحترم حُقوق الناس وتمنحهم الحُرية الكاملة دون انتقاص وأن
نخرج من مُربعات العُنف هذه بأمل يتصالح مع الحُلم ويتطابق مع الواقع والحقيقة
وينتج مجتمعات قادرة على التعايش وفق سُلطة قانون وقادرة على الإنتاج بشكل أكثر
كفاءة حتى تعي أي دور قادم ممكن أن تتقمصه هذه الشعوب نتيجة انعكاس الواقع
والأرضية السياسية على حياته العامة واليومية .
جلال
غانم
Jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق