الحُكم الرشيد وتصوُرات طبيعة الصراع الطبقي
إن تطور مستوى الوعي الإنساني وبقاء الفرد في حالة تحولات مُستمرة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي كـــــــ تحول ينمو بنمو الوعي ويمدده بشكل أفضل من خلال مفاهيم وأفكار نابعة من التجارب الاجتماعية الخالصة توُدي بنتائج فكرية أفضل ووعي قابل للتحول حسب قوة الدولة وتوجه فكرها القومي والوطني .
وهذا الوعي لا يعني سوى تجذير دور الفكر ومفهوم القانون دون استنفاد لقوة الدولة ودورها الريادي في التهذيب المُستمر لهذا النمو للتأكيد على شرعية الأهداف في بناء الإنسان وفق قوانين محكومة بارتباطه بشكل جذري وأساسي بفكرة النظام والقانون وفكرة السُلطة الرشيدة والحُكم الرشيد .
هذه السُلطة والحُكم الرشيد وما تحدثه من خلخلات بنيوية (خاصة في المُجتمع المتخلف) لإرساء المفهوم الديمقراطي ومزج الحُريات بطبيعة المُجتمع لاستنفاد قوة الأفراد الشاذة والخارجة عن السيطرة المُمكنة التي تؤدي إلى التأثير على هذا التوجه المُستقيم يُمكن أن تنجز بهذه المفاهيم المُحددة مُسبقا شكلية السُلطة والنظام القادر على بناء الإنسان بشكل الحقيقي .
وهذا المزج في طبيعة التوجه والحُرية لا يُلغي أي دور لطبقة من الطبقات بل يُجذر من توجهها الصحيح بحيث لا تنتفي مع وجود دور الدولة وقوة نظامها .
العلاقة الغائبة التي لم ندركها في مُجتمعنا هي سُقوط أنظمة وصعُود أنظمة جديدة على أعقاب هذا السُقوط دون أي توجه لبناء فكر وإرساء مُحددات حقيقية للحُكم الرشيد بل أن أغلب التوجهات السائدة قائمة على الحُكم الإقصائي الذي يتنافى حتى مع وجود الدولة والسُلطة معا .
هذه التوجهات قائمة على أجندات (شخصيه / حزبية/قبلية) دُون أن تنفد إلى قلب المُجتمع وطبيعة تعقيداته بما يُحقق المزيد من التوافق الاجتماعي والحُرية والعدالة بقدر ما تؤدي إلى تفعيل الدور الخارجي والسياسة الخارجية لهذا النظام كي يجعله قادرا على الاستمرار في ضرب حُلم الناس وقتل أحلامهم .
فيؤدي هذا التراكم في الأخطاء إلى تفعيل المشاكل الاجتماعية إضافة الى ضرب الطبقات المسحوقة والطبقات الأخرى بعضها ببعض مما يؤدي إلى ضُعف دور الدولة نتيجة لهذا الصراع الدُوني المُفتعل .
لا إرادة شاملة أو معيار في الحكم أو تحليل لطبيعة المشاكل التي يرزح الإنسان تحت رحمتها كعلامات ومؤشرات للحُكم غير الرشيد .
واقع الدولة وواقع الحُكم اليوم في مُجتمعاتنا لن يتحقق إلى بتوجهات فكرية ثقافية حقيقية تنتشل الإنسان من صراعه الطبقي وأول هذا الصراع صراع الدين الواحد أو الأديان والذي لن يتم مُعالجة هذه الصراعات إلا برعاية حقيقية لمصلحة الفرد ومنح مزيدا من الحُرية والسعادة والأمن لهؤلاء الأفراد .
لا وهم ولا خيال في الحُكم بقدر ما يكون محكوم بأسس سليمة مصحوبة بظروف اجتماعية وإنسانيه توصل الإنسان فكريا إلى محطات أفضل كي تتحقق الأحلام المُمكنة في هذا التوجه .
هذا التوجه اليوم مُحتاج إلى تصور حقيقي لطبيعة الصراع والتخلف الحاصل كي يتم بناء المُرتكز الحقيقي للحُكم القائم على المساواة في الحُقوق والحُريات مُساواة مُمكنة إن لم نقل مُطلقة .
جلال غانم
Jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق