اسلمة الثورة اليمنية
المسارات
عندما تتحدد وتتم قرأتها بشكل أفضل وبشكل صحيح مصحوبة بأهداف ذات طابع جذري قابل
للنهوض من واقع مُعين والخُروج إلى تصوُرات واقع أفضل يُمكن أن ندرك حينها خُطوط
ومسارات هذه الأهداف بشكل أوضح وبشكل سليم .
هذا
ينطبق على واقع الثورة اليمنية كواقع مُعاش كي يتم قرأتها بشكلها الصحيح والأسمى
كتجريد من أي انتماء ديني أو جهادي أو حِزبي .
إن
استمرار الجُهود الرامية إلى تغيير فلسفة الواقع العصي تحتاج إلى مواجهته وفضح
خُطوطه الملتوية وتشريحه وتشخيص مرضه لنزع أي ورم مُستعصي فيه كي يبدءا في مرحلة
التعافي .
هذا
الورم المصحوب بــــــــــ قروحات جسديه داخلية كعلة حملتها الثورة في جنباتها هو
تحويل المسار الثوري لـــــــــــهيجان الشارع المُطالب بتغيير شكليه الحياة
وتحسين ظروف لُقمة العيش إلى مسار ضيق انتهى بحُقنه دينيه أو حُقن كمراحل في الضم
واللم كي تتحول هذه الجبهات الغاضبة فيما بعد إلى جبهتين دينيتين متوازيتان من حيث
الإفلاس السياسي وعدم امتلاك أي مشروع وطني للنهضة والتي تعمل ليل ونهار كرده فعل
للساحات وتفكيك هذا الحراك الثوري وضمه واستقطابه إلى هذه الجبهتين .
مع
العلم أن الثورة اليمنية ليست بحاجه إلى
أي جبهات من هذا النوع (جبهات دينيه) بقدر ما يحتاج هذا البلد إلى جبهة أمامية
متنورة تقود البلد إلى تفكيك عوامله الخبيثة وتضع الحُلول في الإنصاف والحُكم
مُتمسكة بجبهة قومية وفكرية تُعيد لليمني شكل من التوازن في إيجاد خطط اقتصاديه
كبوابة خلفيه للتغيير السياسي .
وهذا
بالطبع لم يتحقق فتم سحب بساط القضايا الوطنية المُهمة من أي تناول إعلامي مُنصف كالقضية
الجنوبية وتحولت الثورة إلى كتابة سيرتها بمدح ثُوري لم يكتمل ربيعه ولم يكتمل عام
الثورة الأول كي تخلق حالة من المُعجزات .
هذه
الأسلمه وإيجاد رأس مال يدعم مُخرجاتها وإعلام يُطور من ازدياد مساحتها أثر بشكل
جذري على البدايات الأولى للثورة كي يتم قراءة المسار الحزبي بدلا من تأسيس
المشروع الفكري لها والتنظير له كي نخرج من شكلية الأنظمة القديمة التي ثار اليمني
ضدها من 48 كثمن لسرقة أهدافها وتمييع مشروعها وفكرتها وقُدرتها على إحداث التأثير
المُمكن .
هذه
الأسلمة امتدت لكُل أشكال الحياة التي يعيشها اليمني وتحولت إلى صُداع مُزمن ينتهي
كُل يوم إلى مُحاولة شج وفج الرؤؤس في ساحات الثورة وترديد الشعارات الخائبة
والعُنصرية والتي تدعو إلى تصفيه هذا اليمني انتصارا لهذا المشروع القبيح .
مشروع
التوريث في الحُكم والسُلطة الذي كُنا نخشاه قبل الثورة يوازيه اليوم مشروع
التوريث الثوري والولاء للأشخاص والتخلي عن الثورة كفكرة قابله قابلة لطحن
الشخصيات المُحنطة ودحرها وتأسيس قانون مدني يقصي المتمصلحين من ظهر الثورة ومن
ظهر أي نظام يتواطىء مع أهدافهم الدنيئة .
كي يتم
رسم أهداف عريضة للبلد كي تخرج من شكلية الصراع المُتخلف والقائم على التصفية
والاغتيالات كي تستمر هذه المشاريع الصغيرة جاثمة على أي تاريخ وطني قادم كي يحمله
في جنبات صفحاته كما حملنا حُكم 33 عام من الفقر والجوع والمآسي الكثيرة التي لم
نعد بحاجة إلى تذكرها بقدر ما نحن بحاجة إلى طمسها في هذا التاريخ ليُعيد لهذا
الإنسان الكرامة التي تتمتع بها كُل شعوب الدنيا دون أي نوع من الانتقاص .
ما يجب
أن تتداركه القوى الراكبة على ظهر الثورة لم نعد بحاجة إلى مشروعكم الخاص لإننا
بصراحة مُسلمون فقط نحن بحاجة إلى فكر جديد يشخص ويعري هذا الواقع ويفضح معالم
ضعفه وهذا الفكر لن تقوده تياراتكم بقدر ما تقوده تيارات مُتنورة وثقافية تستطيع
أن تعي طبيعة المرحلة وترسم معالم قوتها وضُعها كي تبدءا في وضع الأطر الوطنية
اللازمة لحل القضية الجنوبية الحل العادل دون أي انتقاص أو وصاية للبحث عن شكلية
جديدة للحياة كي يعيشها هذا اليمني المُتعب والمصاب برماد وخوف وتوجس دائم من ما
يحدث .
جلال
غانم
Jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق