الواحديه الفكرية وأُطرها السياسية
مما لا شك فيه أن أوجه التشابه في العصرنه الثقافية والاجتماعية والسياسية التي قامت في مُعظم الأنظمة العربية هي تشابه في المُطلقات غير المُتحررة من البنية التقليدية والعقلانية المُطبقة سياسيا والقائمة على قومية النظام الواحد وشموليته دُون أسس فكريه ووطنية ترتكز عليها هذه الأنظمة لتعديل شُروط الخُروج من شكلية الاستعمار القديم دُخولا في استعمار جديد قائم على نظام الحاكمية الواحدة .
بهذه الأسس الفكرية الضيقة تضاءلت نسب النجاح في الواقع الاجتماعي لهذا الأنظمة دون أي تحريك لنسب الفقر والمشاكل المُستعصية كالإرهاب وحالات الانتحار وعدم وضع الخطط اللازمة للتزايد السكاني المفرط وتوفير أدنى مُتطلبات القانون المحلي والدولي للحُكم الرشيد القائم على المُشاركة الاجتماعية الواسعة .
ومن البديهي جدا أن مُرادفات الأنظمة المُقترنة بالثبات والجمود والتصور المبني على الحِراب الموجهة
على الطبقات الاجتماعية لتفكيك أي نُظم قابلة للتحول الايجابي أن ترتبط وجودها بقيم ومبادئ ومُكونات تختلف جوهريا بمدى قُدرتها على التأثير والتأثر في واقعها المُتنوع والمبني على احتمالات البقاء لا غير .
على اعتبار أن رعايا الدولة بالنظر إلى انقساماتهم المتغيرة وفق قومياتهم وإثنياتهم وعلاقتهم بالمُتحولات المُمكنة في شكلية النظام السياسي في حالة جر مُستمر لاحتمالات البقاء من عدمه لهذه الأنظمة .
فوجود علاقة عقدية بين الدولة بشكلها السليم ونظامها السياسي القائم على الحفاظ على الوجود الإنساني وتنميته والبحث عن مخارج حقيقية لاستقراره السياسي والاقتصادي وإيجاد مكانه اجتماعية تتناسب مع تكويناته المُثلى هي أسس أي علاقة بين هذا النظام وشكلية الدولة من جهة وبين الإنسان ومواطنته وحاكميته من جهة أخرى .
فإطارات البحث عن الوُحدة السياسية والرغبة في العيش تحت وحدة ثقافية ولغوية واحدة من أهل عوامل البناء السياسي لأي نظام والقائمة على التوحد والاندماج والإصلاح لتأصيل المشيئة والإرادة الواحدة التي تُحقق المصلحة والمُصالحة بين أبناء الوطن الواحد كقوة وجودية ومعنوية لتقريب هذه الأطر الفكرية للوحدة السياسية .
ومن خصائص ومُكونات هذا الفكر السياسي المُتعلق بالواحديه أو الوُحدة السياسية توفر الإرادة والقُدرة على تحريك عناصر هذه المُكونات كي يتم تهيئتها لإحداث تغيير جذري وشامل في طبيعة هذه العلاقة الفكرية .
لا جُمود أو حتى خصائص أو مُكونات يُمكنها أن تخضع أي فكر سياسي مُعين إلا فقط لاستمرارية شكليه أنظمة مُعينة قائمة على استغلال هذا الفكر كي تستمد قوتها وبقائها من قوة تواجده في هذه الأوساط الفكرية والاجتماعية المعنية بهذا الفكر .
وهذا ما حدث في شكلية الأنظمة العربية إبان المرحلة الأولى والثانية من الثورات التي قامت على هذا الاستغلال وتجييره كي تسد حلقات الفراغ المنضوي في جذعها ونظامها السياسي .
جلال غانم
Jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق