العملية التعليمية في مرمى الاستهداف السياسي


المؤسسات التعليمية في أغلب دول العالم تنتج المعرفة العلمية الكاملة دون شلل أو انتقاص كي تسهم في تدوير عملية التنمية والنمو الاقتصادي وبناء مجتمعات سليمة قائمة على المعرفة العلمية والجدل المعرفي والبحث العلمي السليم وذلك باستقلاليه تامة وحياديه عن الممارسة السياسية بشقيها السلبي والإيجابي .
في اليمن العملية التعليمية عملية ناقصة , مُصابة بشلل تام وهي انعكاس للغُرف المُغلقة للدوائر السياسية القائمة .
كفوهة بُركان متصاعد تستطيع اليوم دِراسة هذه المشكلة وتحويل مؤسسات التعليم إلى ملاهي للتنظيم الحِزبي والتنظير لمبادئ الحزب وسياسته مصحوبة بنشر الغسيل القذر عن ما يجري في هذه الدوائر السياسية بكل تناقضاتها .
هذه العملية التعليمية للأسف اليوم لم يعد مصدرها المجتمع المُعتل أو الطالب الذي يحمل أيدلوجية الحزب ومبادئه بل العِلة أن رؤساء الجامعات وعُمداء الكُليات يتم تعيينهم على أساس فرز حِزبي كي ينفذون أجندتهم الخاصة ويزرعون عملية انفصال دائمة لهذه العملية التي ما فتئت مُهمتها تخريج  مئات الآلاف من الطلبة الذين لا يجيدون سوى القراءة والكتابة .
العقل المعرفي اليوم غائب ومن يمتلك هذا العقل المعرفي يتم الزج به في آتون التنظيمات والتشكيلات المختلفة أو مُحاربته وإخراجه من الجامعة وفصله كي يكون عِبره للآخرين , كي يكون هذا الخُضوع أكثر حُضورا وأكثر ذُلا للآخرين الذين يُمارسون نفس السلوك .
طوال فترات هذه الجُمهوريات الملكية التي مرت بها اليمن والتعليم يُشكل النافذة الخلفية للقرار السياسي بسياسات الركل والتطنيش والمُحاربة الحِزبية والابتزاز .
هذا الاستهداف لهذه العملية يُعطل أي مشروع وطني للتنمية المستدامة والشاملة أو أي مشروع ديمقراطي حقيقي قائم على تقديم البرامج الوطنية والتعليمية والصحية وفق منطق البرنامج الأفضل .
مثلما نحن اليوم مُحتاجون إلى إعادة هيكلة الجيش والمؤسسة العسكرية مُحتاجون أيضا إلى إعادة هيكلة العملية التعليمية برُمتها ورسم خارطة جديدة تعيد عملية البناء التعليمية بشكلها الصحيح وتخرجنا من بيدق الحزب والتنظيمات المُقر فه داخل أروقه هذا الصرح العِلمي الكبير .
اتحاد طُلاب اليمن والاتحادات التي تُقدم خدمات للطالب هي اليوم في مرمى هذا الاستهداف والداء الخطير
اليوم نحن بأمس الحاجة إلى فصل العملية التعليمية والعقل المعرفي عن عقلية الحزب كي تنتج هذه المؤسسات التعليمية المعرفة العلمية القائمة على الكفاءة والمُعتمدة على البحث العلمي الذي للأسف يُشكل صفر في المائة من مُخرجات هذه العملية التي يتم صرف مليارات الدولارات للقائمين عليها فقط من أجل تخريج طلبة حزبيين وسياسيين وتحولت هذه المراكز إلى مصدر لاستلام الرواتب كمصدر لطلبة الله واكل الخُبز فقط مثلها مثل المؤسسة العسكرية التي انكشفت عورتها في إدارة أزمة البلد المتفاقمة .
هذا الانحسار يجب اليوم مُعالجة مُدخلاته ومُخرجاته وتقيم أداء هذا الشبح التعليمي المُخيف .
لا ثورة ولا تغيير طالما وهذا الشبح الآسن والراكد لم يتحرك بل تحولت هذه المؤسسات في هذه الفترة إلى ثكنات لفُرقاء السياسة كي يحتموا بنارها .
هذا العبث مُستمر طالما وأعراض الحُمى مُستمرة على الجسد المُنهك من هذه الصراعات والذي لا ينذر بفصل قريب بين هذه العملية وبين الواقع السياسي المريض .


جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

شوارع وغربة ، امنيات وسفر