التخلُف عدونا الأول


أنقشع الغطاء على كل المسائل المعقدة في مجتمعنا العربي بحدوث زلزال تتالي سقوط الأنظمة وهذا الغطاء الذي تسترت عليه كل الأبواق التي ساندت الحاكم ولعقت من ثقافته الهزيلة .
 اليوم الشعوب تدفع ثمن تتالي غباء الأنظمة التي حكمت شعوبها وهذا الثمن يبدءا في الهوية الثقافية والوطنية المشتتة .
العالم العربي اليوم يدفع ثمن سنين عِجاف لحُكام أغبياء حكموه وتجاهلوه في توجيه قدراتهم نحو الإنتاج والولاء الحقيقي والصدق وأوهموه طوال هذه السنين أنهم وطنيين وأنهم من قاد حركة التنوير وأن فلسطين هي قضيتهم الأولى ووفق هذا الغطاء تم سرقة ثروتهم وتجريدهم من طُرق العيش الكريم في أوطانهم فتشتتوا في بقاع الأرض تاركين أوطانهم تغط في نوم عميق .
اليوم أصبحنا ندرك أن قضيتنا الأولى في هذه الأوطان هي الفقر والجهل والمرض وفلسطين ليست شماعة يتم تعليق قدر هذه الشعوب بأوهام حتى يتم سرقتها ونهبها .
متى ما تحصل المواطن العربي على القدر الكافي من التعليم وتحول إلى منتج حقيقي يقدم لوطنه رقم في الاقتصاد المتهالك سوف نعي أين نحن ! و سوف نعي ما يجب فعلة , أين موقعنا في الخارطة السياسية للعالم , ما هي وسائل الضغط التي تجعلنا نفرض قضايانا أننا أمة لها تاريخ وثقافة وهوية وتراث .
إن لم يتحقق كل ذلك فإننا لا زلنا في السُلم الأخير في تصنيف الشعوب , سوف نظل ندور حول أنفسنا بقضايا مفرغة في التفكير والتجريد كالطائفية والغزوات والخلفاء وما يقع في فلكهم .
مع العلم أن هذه المسائل دوختنا وصرنا نتشكل وفق منطق الخيمة والصحراء والجمال والقنابل واللحي البيضاء والحمراء كلا على شكل .
لا أنسى في هذا المقام ما قالته السيدة مليكه أوفقير في رواية السجين
((كل شيء يمضي ويمر إلا أن يكون عدوك جزء منك تلك هي المصيبة والهزيمة)) .
فعلا عدونا هو جزء منا وهذا العدو ليس اليهود أو الغرب بالدرجة الأولى كما يتم الترويج له بل تخلفنا الذي صار جزء من واقعنا المر والذي ندفع ثمن ذلك بشكل مُخيف كل يوم .

جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26سبتمبر ... الثورة التي تعثرت فينا

شوارع وغربة ، امنيات وسفر

عدن المدينة التي تفتح ذراعيها للعابرين