يمن جديد فاقد الهوية والانتماء


الطموحات في بناء اليمن بوجه ديمقراطي حديث كي يتجاوز مرحلة الشقاقات والتعثر وإعادة زناد البندقية إلى مخبئة ووقف حالة العنف طموحات مشروعة لدى كل يمني يتطلع إلى بناء غد تسوده الحُرية والعدالة والحُكم الرشيد .
فالطموح عندما تعتريه براغيل السياسة كي تفكك إرادته الممكنة أو البراغيث الطافية على سطح الجُثة كي تحدث فيها حالة قرف ونتانة لتتبخر هذه الروائح فيصعب السيطرة عليها أو حتى احتوائها في مكان واحد أو في منطقة واحدة في هذا الجسد .
هذا الطموح المعقوف الإرادة كحالة رهان حقيقية على الواقع المُفكك لا يمكن التحكم به اليوم أو المضي به قُدما بخُطى وأقدام لا تعرف الاهتزاز ما لم  يتم تعريه هذا الواقع المُفكك ودراسة أوجه الحشرات الطافية على سطحه وتنظيف هذا الجسد من الأورام الخبيثة (ورم القبيلة , ورم الدين , ورم الجماعات المتطرفة , بقايا النظام , الطبقة الفاسدة ) كمراحل لتخليص وفك الخطاب السياسي وبناء قُدرة على الممانعة الغير طبيعية المُخالفة لسُلطة القانون المطلوب بناءها اليوم .
هذه المُمانعة أو المصالحة إن لم يتم تفكيك ونسف رموزها وشفراتها في الاستقلالية ودراسة أبعادها الوطنية خارج سرب القوى التقليدية التي قيدت المصلحة الممكنة كي تستمر حالة العبث أطول فترة ممكنة بحق اليمن .
فإننا سوف نظل ندور في حلقة سياسية مُفرغة لغتها العنف وزادها السقوط والتلاشي والتفتت .
فتخييب الأمل يجب أن لا يتم الدفاع عنه وحالة السُقوط لا يمكن حِمايتها تحت أي سلطة كانت وحالة السكوت لحماية الفاسدين أمر مرفوض وحالة الخصومة والعداء سُنة إلهية في أي شعب أو أمة كانت لكن لهذه الخصومات والعداوات خُطوط حمراء يجب أن يتم تقييم هذه الخطوط ودراسة أبعادها ومدى تأثيرها على الهوية الوطنية المُفككة .
الغد ربما يكون يمن أو يمنات مختلف النكهات وفاقد لدولة البناء والهوية الواحدة ما لم يتم اليوم خصخصة ووضع روزنامه لآلية المرحلة المقبلة مصحوبة بمنظومة متكاملة من الإصلاحات في شتى ربوع اليمن دون الوقوع بأي أخطاء الماضي المقيت .
سُلطة النقد ونقد السُلطة جزء من عملية إصلاح أي مسار قادم , فك الخطاب الديني وانفتاحه على الآخر دون تخوين أيضا سوف يكون له دور جيد في وضع حالة للتهدئة بدلا من التعصب والغليان , استقلالية القرار السياسي عن المؤسسة الدينية استقلال كامل كشرط لبناء دولة مؤسسات قائمة على المحاسبة لا على المحاصصه والانتماء المذهبي والطائفي المقيت .
بناء دولة متنوعة في الموارد وفي الموروث الثقافي والديني كفيلة بالتغلب على حالة الغليان وحالة الفقر المدقع التي يعاني منها اليمني وإعادة حالة التوازن الممكنة بين القوى المتناحرة وترجيك الكفة الوطنية فوق الجميع .
التاريخ إيقاعه قاسي وظالم وسوف يتم تصنيفنا كشعب عنصري ومقيت وفاشل إن تم إجهاض أي تغيير ممكن وضربة بقوة الدين كي نصمت للأبد ونخسر وطن بحجم اليمن ويتم توزيعنا على المنافذ الحدودية والمنافي التي سوف تقتل حُلمنا كـــــــــشحاتين في انتظار كسرة الخبز الممكن الحصول عليها من الآخرين .
علينا أن نختار إما أن نتخلى عن نزعتنا الدينية اليوم كي نفكر في بناء الغد أو نختار يمن مُفكك وفاقد الهوية الوطنية والانتماء .
الكُلفة اليوم باهظة الثمن وفاتورة التراجع للخلف مدفوعة الأجر من قِبل البعض لكن فاتورة الغد فاتورة بحجم حُلم سوف نتذوق حلاوته إن مضينا بخُطى تنتصر على سُلطة القبيلة والدين والموروث القبيح  وتعلن عن ميلاد قانون مدني يتسع لكل اليمنيين .

جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ذاكرة لــ الحُزن والوجع لم يشأء لها القدر أن تنتهي ...!!!

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

ماذا بعد ..........؟