سُلطة مركز ... سُلطة ثورة


من السابق لأوانه القول أن ميليشيات وقوى البلد مضافا إليها بعض العصابات التي اقتحمت صمام أمان الثورة أنها قادرة اليوم على وضع رؤية للحكم دون استثارة وابتزاز عواطف البسطاء بكل الطُرق الإعلامية الممكنة وأن ضرورة إدراك ذلك يتطلب اليوم ما هي الآلية التي يتم حُكم وإظهار الجانب الخفي من شخصياتهم وطُرق تعاملهم مع الجماعات التي يقودوها ؟
يذكرني هؤلاء بحُكم القياصرة في العُصور الوسطى وكيف كان مواطنيهم يتعاملون معهم كرعايا وأقنان لخدمة الأسر الحاكمة آنذاك .
ما يحصل في اليمن أقنان في خُدمة الشيخ العظيم ومشاريعه الأخلاقية التي ستنقذ البلد من حمام دم قادم وأنهم الأمل في بناء الدولة المدنية الحديثة
هذا الإلغاء الواضح للشراكة الثورية وانحسارها في مُربعات ضيقة من صنعاء إلى تعز مرورا بالمدن التي تدين بالولاء وتدفع الإتاوات لهذه القوى المتمصلحه هي من جعلت تكريس مفهوم الدولة المدنية التي يلوكون بها ليل ونهار نقرا أنها (دولة مدنية الجيوب) التي سوف تبقي على أملاك ونفوذ هذه القوى في الزمن القادم .
تعثر المشروعات الممكنة في إصلاح الرؤية وإعادة ترميم الجُرح الوطني الغائر هي مُهمة صعبة إن لم نقل مستحيلة في ظل حالة الحُكم الضعيف للقوى المدنية ومدى تأثيرهم على جماهير الشعب ومدى إلهامهم لأفكار الثورة وتكريس فكرها في قلب التغيير .
هذا التعثر في الرؤية هو في كل الأحوال يخدم إقامة الدولة الفردية من طرف واحد تتمتع بسُلطة المركز وسُلطة ثورية لا تتعدى مساحة حُكمها سنحان وحاشد وبكيل .
وهذا التعثر ينذر بخُوف التفكك القادم وما يمكن أن يحمله عنف وضرب القوى ببعضها البعض في ظل حالة الفشل الذريع وفشل تمدد سُلطة كراسيهم .
يظهر ذلك جليا في حُكم المركز وإبراز الدين كواجهة أساسية لبناء فكرة الحُكم على أنقاض الآخر وهذا المركز يمتد من جبال مران في صعده ويستقر في حاشد وبكيل وتظهر مشكلته جليا في أروقة صنعاء وأزقتها وشوارعها المرنجة بالشعارات ومساجدها التي تحولت إلى مصدر للتعبئة المزعجة ضد الخُصوم
هذه الأطراف فُشلت في الشراكة مع نظام صالح والطرف الآخر فشل في إحضار أي مشروع خارجي لحُكم شمال اليمن .
سُلطة المركز هذه وتركزها في شمال الشمال بين فُرقاء الدين والقوى التقليدية من جهة أخرى تعكس مدى استخفاف هذه القوى بإرادة الشعب من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب مع دخول القضية الجنوبية مرحلة اليأس نتيجة تركُز هذه السلطة واحتلالها لليمن بقوة الدين وسرطان الفتوى التي استشرت في الجسد اليمني المريض .
سُلطة الثورة .... سُلطة المركز تعثرت في نشر مشاريعها المريضة خارج خارطة شمال الشمال وفُشلت في تصدير ثورتها في مربعات جديدة لها قضايا مطلبيه وحقوقية وإنسانية ودولية جديرة بالنظر إليها أحوج من حاجتنا إلى البقاء داخل سُلطة المركز التي تستقطب كُل يوم عداوات جديدة من القوى التي تقع خارج هذا الفلك المخروم .

جلال غانم

Jalal_helali@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ذاكرة لــ الحُزن والوجع لم يشأء لها القدر أن تنتهي ...!!!

انا لم اكبر ورفاقي الصغار بعد ...!!!

ماذا بعد ..........؟