رجل دين وبندقية
على ضوء التحالف المدني العسكري الديني في اليمن لإخراج علي صالح من نظام الحكم وإنتاج منظومة تجمع بين شقيها العسكري والقبلي والديني تحت مسمى دولة مدنية وإفراز مرحلي لما بعد التحالف الآني حيث تتداخل خيارات هذا التحالف في إنتاج نظام سياسي جامع وشامل بشعارات لا تختلف عن شعارات علي صالح في الإصلاح والتغيير والوحدة الواهمة مع الاختلاف فقط بطريقة التقاسم السياسي وأكل خيرات الجنوب ومع ذلك تتفق هذه القوى في ممارسة كافه أساليب الإقصاء والتهميش والإلغاء الكامل لحق الشعب اليمني في إقامة أي نظام سياسي ودولة تتوحد فيها كل القوى الوطنية من أجل إنقاذ البلد من الانهيار وذلك خوفاً على مصالحها التي ربما تزول جراء هذا التغيير مستمدين قوتهم بفريضة شرعية مصطنعة وفتاوي تدعم وجودهم وبقائهم متمترسين بقوة الدين والقبيلة والقانون المفصل على مقاسهم فما أشبة الليله بالبارحة بعلماء سوء في موائد السلطة .
عمليات استئصال وفيد جماعي تقُيد مستقبل الوطن ضد مجهول وسباق محموم في تقاسم المصلحة الوطنية مع رسم خارطة جديدة لليمن أشبه بخارطة الأمس التي أضحت معالمها أكثر عنفاً وأكثر قتلاً لكل ما هو يمني
وأصبحت الجماعات والخلايا التي تدير البلد بالعمامة والفتوى المتحركة تصوب جاهزية دعواتها في الزاوية 90 من القلب على أي مشروع تغيير وطني وديمقراطي وتحديث مدني لبلد انهكتة الصراعات والحروب.
ما يجب قوله هو أن القبول بالآخر بكل تناقضاته واحتوائه والتعايش معه بكل أبعاده الفكرية والطائفية والوطنية تعكس قدره هذا الطرف وذاك على استيعاب صراع الماضي والاستشعار بحتمية التغيير وتساوي الفرص في التعايش وحرية التعبير في وطن تسوده دولة مدنية تحتوي أطياف شعبها بقانون مدني ونظام دون أي مرجعية قبليه وعرقية وطائفية .
ويجب عدم الإلغاء الكامل لمقومات أي مجتمع وعدم الخلط بين واقع العمل السياسي والممارسة السياسية والحزبية بمقومات الدين حتى يتسنى تقييم هذا العمل الحزبي أو السياسي بمفهومة الحقيقي بعيداً عن الانتهازية والفكر الأصولي المتحجر .
ومن المعلوم أن هذا الخلط والتدخل السافر في شؤون السياسة وتحويلها إلى فتوى دينية متحركة وملتهبة هنا وهناك لم تأتي بنتيجة إيجابية بل على العكس من ذلك أتت بنتائج أكثر سلبية وتحققت نظريتها فقط في جبال تورابورا وغروزني وقندهار وجعار وحرب صيف 94 م في جنوب اليمن وغير ذلك من النتائج السلبية التي أوجدت فخ متكامل بين حلم وثقافة الشعوب وبين بندقية وفتوى الشيخ وأوجدت جيل متعصب غير قادر على التعايش مع الآخرين وحولت مفهوم الدين من نظريات فكر وحياة إلى نظريات حلال وحرام (مع وضد )مما أدى إلى تفكيك البنية الحقيقية للمجتمع وحولته إلى أداه مستهلكه بالأفكار المارقة والهدامة والمشفوعة باللاهوت الجهادي وذلك كمفهوم مشوه وخاطئ وغير صحيح .
جلال غانم
jalal_helali@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق